تفاصيل مثيرة حول مسلسل مسامير

بعد الإعلان طرح الموسم الثاني من محافظة مسامير وإحتفال المحبين والصناع بخروج هذا العمل الثري بالشخصيات المركبة والقصص المميزة ذات السردية البعيدة عن التقليدية، وكما هو متوقع بالنسبة لي وللكثير بأن رجع الصدى كان مليئ بالردود الإيجابية والإشادة النقدية ذات النطاق الواسع، حيث أصبح مسلسل محافظة مسامير لاحقاً المحتوى الأعلى مشاهدة سعودياً على منصة نيتفلكس، وبعد مشاهدتي للحلقات الثلاث الأولى، وقبل طرحها للعموم على منصة نيتفلكس، التي أنتجته بالتعاون مع myrkott،

جلس صناع مسامير مالك نجر وعبدالعزيز المزيني مع إسكواير السعودية، وتحدثنا عن الوصفة الإبداعية التي يتبعها الصناع في الكتابة وكيفية خلق الشخصيات وأيضاً الموقف الذي دفعهم للتطور فنياً وعملياً، بالإضافة وعن أمور أخرى مثيرة، تعطينا منظور عن مراحل الصناعة وعقباتها ،

مسامير

الشخصية ودهاليز بنائها

لماذا نتعلق بشخصية وسرد معين كانت كوميدية أو درامية، ونتفاعل بأي شكل، قد لا نحلل التفاصيل الدقيقة في تركيبة الشخصيات ومسار القصة، لكن الصناع الذين ينسجون القصص ويخلقون شخصياتها، يطرحوا هذا التساؤل، وعند يردوا على هذا التساؤل وهم في خضم البناء والصناعة فتلك دلالة على الإرتقاء الإبداعي بصورة عامة ، وهذه هب المرحلة التي وصل إليها عبدالعزيز المزيني ومالك نجر، برأيي الشخصي.


مالك نجر “إنك لن تستطيع خلق شخصية تترك أثر قوي في نفس المشاهد و يتعلق بها بأي شكل كان، إذا لم تكن مبنية على مرجع واقعي و صورة ذهنية حقيقية، لذلك بلا شك إن كل شخصيات مسامير تم خلقها بنسب متفاوتة بناء على شخصيات واقعية حيث أن الشخصيات هي خليط فرانكشتايني مركب فعلى سبيل المثال شخصية مازن صاحب المكتبة من الحلقة الثانية هو ٧٠ بالمئة صديق( يفضل أن يبقى مجهول الهوية) قد نفصح عن هويته بعد ٢٠سنة ، و ٣٠ بالمئة شخصية دارث فيتر (من سلسة أفلام ستار وورز).”


وهنا نضع أصبعنا على أصل الدافع لتعلقنا وتفاعلنا مع كل شخصية على مر التاريخ السينمائي والتلفزيوني، بسبب نقاط التلاقي المرجعية الجمعية لهذه الشخصيات التي تخرج بفضل عشرات الأشخاص التي قابلناهم في حياتنا والتي قد لا نذكرهم لكن سمات شخصياتهم ترسبت في عقلنا الباطن، وذلك التجسيد بهذه الميكانيزمية لهذا الخليط هو صناعة مدفوعة بالحب وبالطبع مبالغ فيها بمقتضى الدراما والكوميديا.

الكتابة، الطريقة الأمثل إبداعياً وعملياً لمسلسل محافظة مسامير

كل الصناع والمبدعين لديهم نمط معين وإطار متبع في الكتابة يأخذ بالحسبان جودة القصة والجانب العملي والذي تحصرة ميزانية الإنتاج، حتى يتم الوصول للنتيجة المبتغاه، والأمر كذلك مع صناع مسامير.
الأمر الذي يوصفه عبدالعزيز المزيني قائلاً : “لم تكن الحلقة الثانية تتمحور حول مازن في البداية بل لم يكن جزءً منها، ولكن بعد إنتهائنا من الكتابة، تكلمنا وإتفقنا على تقديم الشخصية كجزء من الحلقة وتطور الأمر حتى أصبح شخصية مازن هي الشخصية الرئيسية”

وذلك يمثل أسلوب كتابة المزيني ونجر الحالية الذي تطور بمقتضى الخبرة المنبثقة من التجربة، ويضيف مالك نجر قائلًا: ” نتبع قاعدة محورية عند الكتابة، نبدأ أن نتكلم عن القصة والشخصيات قبل أن نبدأ بالكتابة وضمن المرحلة هذه يجب أن تكون الفكرة قائمة بنفسها ولها أرجل حينها نكتب، و إذا امتدت فترة الكتابة ولم تخرج القصة بلا عناء اي لم تنفجر من خيالنا على الورق بحيث تكون قدراتنا الكتابية والإبداعية هي قناة تجري الفكرة وزاوية السرد من خلالها (القصة تكتب نفسها بنفسها)، ولا نشرحها ونفحصها بشكل مبالغ، حينها نتخلى عن القصة لعدم إستحقاقها إذا لنتحقق هذا الشرط، وهذه الطريقة نتبعها ضمن الأغلبية العظمى من الحلقات”.

ويضيف نجر: “أن تكوين إطار الحلقة وعواميدها الأساسية لا تأخذ بالعادة مدة تزيد عن أسبوع كحد أقصى، وذلك لأسباب إقتصادية حيث أن لا نستطيع أخذ أشهر كتابتنا التي تكون بالتزامن مع المراحل الأولية للإينمينشن (رسم الشخصيات) أي خلق الجانب المرئي للشخصيات، وعادة نختبر القصة بين بعضنا بالنظر إلى ملخصتها التي لا تزيد عن بضعة أسطر ونرى هل تستحق”

حبكة القصة المتماسكة التي لا يمكن التنبؤ بمنتهاها

كيف تعرف أنك تشاهد عمل ذو حبكة أصيلة، ومبنية على أسس إحترافية؟،بموجب ألاف الساعات التي قضاها المشاهد وهو يتابع الأفلام والمسلسلات، يصبح المشاهد بإستطاعته التنبؤ الأحداث وحتى النهاية في كثير من الأحيان قبل ان يصل إلى منتصف الفيلم أو المسلسل خاصةً في الأفلام التي تم إنتاجها بدافع تجاري بحت، وتتبع معادلة لقصص مستهلكة وإن كانت ناجحة ضمن الإنتاجات الضخمة كمثل الأفلام الرومانسية الكوميدية وأفلام الأبطال الخارقين. وهاذي المعضلة التي تجنبها صناع مسامير بموجب طبيعة نظرة الكاتب التحليلية لمحيطه والمخرجات المستنبطة،

يؤكد ذلك المزيني”عند مشاهدتي لأي فيلم سينمائي مع زوجتي التي تشتكي بأني أحرق القصة وأنغص عليها التشويق الدرامي، بكشفي عن مجريات الأحداث منذ الجزء الأول من القصة، لذلك أصبحت أكره أني أستطيع فعل ذلك، عند كتابنا للنصوص أصبح هدفنا بأن يظن المشاهد أنه يستطيع التنبؤ بالمجريات لوهلة ولكنه يتفاجئ بالنهاية (تحسب إنك تدري لكن فعلياً ماتدري)”.

ويضيف نجر“إن من أهم أهدافنا أن تكون الحبكة غير متوقعة ولا يعني ذلك أن تكون مفاجِئة لأجل المفاجَئة فقط، حيث هناك قصص محبوكة بطريقة متدنية مع عدم قدرة المشاهد بتنبؤها ولكنه واعي بوجودها وينتظر إحدى الإحتمالات المطروحة وذلك يعني بأن المشروع خاطئ من البداية ذلك ما نحاول الإبتعاد عنه أيضاً ”

هذا الفهم المتعمق في أساسيات البناء الدرامي و السرد القصصي هو الذي يميز صناع مسامير عن غيرهم، الأمر الذي يمكني من مقارنتهم مع صناع الأعمال الكرتونية العالمية الموجه للكبار مثل فاملي جاي أو ذا سيمبسون، وتلك مقارنة تعتمد على معايير الإحترافية والتطور الإبداعي في الكتابة الذي وخاصةً أن تراكيب الشخصيات والحوار والعوالم التي تدمر داخله الأحداث هي مفعمة بأصالة وجرأة يصقلها منظور بعيد كل البعد عن السذاجة، والكوميديا فيه غير مدفوعة بكليشاهات غابرة.

المواضيع العميقة التي تطرحها مسامير

بالطبع المواضيع التي قدمها مالك وعبدالعزيز في مسيرة مسامير، يمكن وصفها بالعميقة والتي تفحص المظاهر والتحولات الإجتماعية والفكرية المحلية، بالطبع يحكمها أسلوب تعاطي مسامير الذي الذي إعتدناه، مع الأخذ بأسلوب طرح لا ينتقص من جودة الكوميديا، التي تضمنها القدرة التي يمتلكها الصناع المتمثلة بالعضلة الهزلية المتمرسة لأكثر من عقد من الزمن والتي لا تحتاج لتدريب، بجانب الجرئة التي يضمنها القالب الكرتوني عامةً، هذه التركيبة تخرج مسامير بالشكل المميز الذي أصبحت الإشادة به من المسلمات في الثقافة المحلية السائدة

يوضح ذلك مالك نجر: “أنا أتبع قانون في هذا المنطلق أي أن لا يمكن أن تكتب شيء عظيم عن أي موضع بلا أن على دراية شاملة وشغوف شخصي بالموضوع، أو على الأقل هناك جزء من عقلك مهتم بموضوع الكتابة المختار.

ويختلف المزيني قائلاً: “بأن الأمر الذي يجب تكون شغوف إتجاهه هو خلق محتوى عظيم يرقى للتطلعات والجودة التي نريدها ، وهناك جملة قلتها لمالك بعد أنتهينا من (يعرب) ومحاطين بنشوة الإنجاز التي كانت الأمر الذي يمكن أن تحيدنا عن المعيارية الفنية التي وضعناها لأعمالنا ( إذا كتبنا أي نص في أي قالب، فإن المشاهد سيعجب به) ويعلق مالك وهذه عقلية خطيرة لأنها مدخل للغرور الذي سيحطم كل شيء”.

دفعنا أنفسنا لدراسة الطرق المتبعة في صناعة الأعمال الكلاسيكية الخالدة

المزيني ونجر يوضحان النقطة الفاصلة التي دفعتهم لتطوير كتاباتهم: “لذلك بعد فيلم مسامير الذي لم نكن سعاداء جداً بمخرجاته، دفعنا هذا الشعور بعدم الرضى، لإعادة تقيم الأمور وبدأنا نقرأ ونتعلم تقنيات جديدة وطورنا من أساليب كتابتنا، وذلك عبر الإطلاع على كيفية صناعة والمراحل التي إتبعها الكثير منة صناع أعظم الأفلام الكلاسيكية، لذلك اليوم الكثير من أمالانا هي مستوحى من صناع أمثال الأخوين روسو وكوينتن تيرنتينو وصناع مسلسل فارغو نواه هاولي وكيث غوردن وتعلمنا منهم الكيفية الأصح في كتابة القصة وبنائها وتطويرها وكيف تجعل المشاهد منغمس في عالم القصة. وبعد الهيكلة المتينة حينها نبدأ بإضافة الكوميديا “

ماهي الخطوة القادمة للصناع بعد نجاح الموسم الثاني؟

بعد أن تطور أعمال الثنائي، عبر المحتوى الذي قدموه في مسامير بكل النسخ وكان أخرها الموسم الثاني لمحافظة مسامير، لذلك من الطبيعي أن تحوم الظنون حول الخطوة القادمة لمالك وعبدالعزيز، والتي ستكون في عالم الأفلام السينمائية الطويلة، وذلك لأن المستويات الفنية والخبرة العملية التي وصل كليهما إليهامن جانب الإفني و العملي. خاصة وأن الثنائي أسسو شركة سرب وهي قناة مختصة بإنتاج الأفلام والمحتوى live action. وأكد المزيني بأنهم أنتهوا من عمل سينمائي لا يستطعوا أن يفصحوا عن أي تفاصيل تخصه حالياً.

يرد المزيني على هذا التساؤل: “قد تكون هناك أعمال مختلفة عن مسامير و من حيث القناة السردية والشخصيات ولكن النفس المحلي غير المزيف هو ما يمكننا ضمان جودته وذلك هو العنصر الأهم”

نظرنا يعبن فاحصة لكل الأساليب الإبداعية التي يتبعها نجر والمزيني صناعتهم، وتعرفنا على طريقة تفكيرهم عندما يأتي الأمر للكتابة والإنتاج، وكل مايحدث من وراء الكاميرا، وعن تطورهم كمبدعين وكأشخاص، والطريق الذي سلكوه، والمحطة المختلفة القادمة في مسيرتهم، إن مالك وعبدالعزيز من المواهب القليلة التي وصلت الى هذه الدرجة من الإحترافية لذلك ترقب ما سيقدموه هو أمر مسلّم،

قد يهمكم الإطلاع على بطل فيلم الهامور فهد القحطاني في حديثٍ خاص لمجلة إسكواير: الطرح لم يكن جريئًا بل شفافًا، وسعيد بتجربتي الأولى في التمثيل

المحتوى ذي الصلة