بطل فيلم الهامور فهد القحطاني، يكشف في حديثٍ خاص لمجلة إسكواير السعودية تفاصيلًا مثيرة حول مشاركته السينمائية الأولى.
خلال الأعوام القليلة الماضية؛ حطت السينما السعودية رحالها في مرحلة فنية جديدة، معلنةً عن بزوغ فجر جديد، بأيدٍ سعودية رسمت هوية الصناعة السينمائية المحلية بحروف من ذهب. فهد القحطاني وهو إحدى هذه المواهب السعودية الفذة التي شقت طريق النجومية بأولى مشاركاته الفنية في أوائل الأفلام السعودية المستوحاة من أحداث واقعية: فيلم الهامور السعودي.

تدور أحداث فيلم الهامور ح. ع في مدينة جدة وتحديدًا عام 2004، وسط تطور اقتصادي ملحوظ وانتعاش للبورصة المحلية، وجد “حامد” فرصته الذهبية للثراء عن طريق استخدام أساليب ملتوية قائمة على النصب والاحتيال لتكوين ثروة تجاوز المليار ريال سعودي في ذلك الوقت. منذ الوهلة الأولى لاحظ الجمهور الإنتاج السينمائي المتقدم الذي تجاوز النواحي الفنية كالإخراج والتصوير؛ وصولًا إلى الحبكة الدرامية المتماسكة، وبناء الشخصيات المميز، والعديد من المشاهد السينمائية التي ستخلد في تاريخ السينما السعودية.
ولكن العلامة الفارقة كانت لدى “حامد” تلك الشخصية الأيقونية المتمتعة بفطنة كافية، وذكاء اجتماعي منقطع النظير ليشق طريقه من حارس أمنٍ بسيط، إلى “هامور” فاحش الثراء. جسد الممثل فهد القحطاني شخصية “حامد” بصورة مذهلة، منتقلًا بين نواحي الشخصية الفنية بكل سلاسة وإتقان، وهو ما جعله محط أنظار الجميع.

على الرغم من كونها المشاركة الأولى له كشخصية رئيسية عن عمل سينمائي ضخم؛ إلا أن بطل فيلم الهامور فهد القحطاني جسد شخصية أيقونية تعلق بها الجمهور؛ على غرار تلك الشخصيات الهوليدية الشهيرة التي عهدناها. يصف فهد تجربته الأولى قائلًا: “كانت مزيجًا من القلق والسعادة، شعرت بمسؤولية كبيرة عندما عُرض علي هذا الدور من قبل المخرج الكبير عبد الإله القرشي، الذي حمل على عاتقه مهمة الارتقاء بصناعة الأفلام السعودية، ولكني لم أكن وحدي في هذه المغامرة، وحظيت بدعم لا محدود من قبل الجميع”.
بدأ فهد مسيرته في عالم التمثيل السينمائي بأعمال تلفزيونية بسيطة، وأدوار جانبية، ولكن صُناع العمل وجدوا ضالتهم في فهد القحطاني، الذي جسد شخصية “حامد” بصورة بديعة، بفضل ملامحه المفعمة بالمحلية، ولغة جسده التي تعكس هوية “حامد”، ويعلق فهد لمجلة إسكواير السعودية: “تلقيت اتصالًا مفاجئًا من المخرج عبد الإله القرشي وأخبرني عن رغبته لإشراكي في عمل سينمائي جديد، وعندما قرأت النص لأول مرة تعلقت بشخصية حامد مباشرةً، حينها سألني المخرج: من هي الشخصية التي تود أن تجسدها؟ أجبت دون تردد وبضحكة ترتسم على محياي:” حامد “، ضحك المخرج عبد الإله القرشي وأجاب: نعم هو حامد. صعقت في الوهلة الأولى وتمهلت قليلًا لاستيعاب ما يحدث، وانطلقت بعد ذلك فورًا للاستعداد ودخول مرحلة التدريب”.

تأدية دور بهذا الحجم تتطلب قدرًا من الاستعداد والتدريب، حيث تتمتع شخصية “حامد” بالعديد من التفاصيل الفنية المعقدة، حالته النفسية، صراعاته الداخلية، وسطه الاجتماعي، والكثير من التفاصيل الدقيقة، وأسهب المخرج في إيضاح تلك التفاصيل الفنية لفهد القحطاني، حينها قرر الممثل أن يتقمص شخصية حامد، وسريعًا ما وجد الطريقة الأمثل لذلك: “جاءت شخصية” حامد “من شوارع جدة وأحيائها، وهو ما جعلني أتوجه إليها للغوص في غمار شخصيته لفهمها بشكل أكبر. زرت الأسواق المحلية والأحياء الشعبية، حضرت المباريات الكروية، وحرصت على رسم ملامح متكاملة لشخصية البطل ولم أغفل عن أدق التفاصيل، حتى لغة جسده وطريقة كلامه” هكذا يصف فهد مغامرته لتقمص شخصية البطل، وبعد قرابة شهرين من العمل الدؤوب، وصل الفريق لنتيجة مذهلة”.

عند مشاهدتي للفيلم لأول مرة، لفتت نظري تلك اللهجة المألوفة التي يستخدمها حامد ولغة جسده العفوية، وهو ما أثار فضولي؟ هل كانت تلك شخصية حامد الحقيقية؟، يجيب فهد: “ببساطة شديدة، أعجبت بهذه اللهجة المألوفة والقريبة من الجمهور السعودي، ولكنها لا تمثل بأي حال من الأحوال أي شخصية حقيقية من أرض الواقع، بل هي من وحي خيال الكاتب. لم أعاصر أحداث القصة الواقعية، وبٌنِيت ملامح الشخصية الفنية باجتهادٍ شخصي”، يؤكد صُنَّاع العمل أن فيلم الهامور ح. ع ليس فلمًا وَثَائِقِيًّا بأي شكل من الأشكال، بل هو عمل سينمائي مستوحى من أحداث واقعية، بسرد قصصي من مخيلة الكاتب.
الجرأة في الطرح!

عند التفتيش في ذاكرة السينما العالمية؛ نجد أن أشهر الأعمال السينمائية الناجحة رسمت طريق تألقها بملامسة الخطوط الحمراء، لتحاكي الواقع الاجتماعي للجمهور، وهو بالتحديد ما تميز به فيلم الهامور ح.ع الذي ظهر بصورة مختلفة عن الأفلام السعودية المعتادة، ليستخدم لغة جريئة، ويلامس أجزاءً حساسة من واقع المجتمع السعودي، ولكن الطرح الجريء له آثاره الجانبية، التي قد تحد من قاعدته الجماهيري، ويصف البعض العمل بأنه “غير مناسب للعائلات”.
يملك فهد رأيًا مختلفًا ويعلق: “أرى أن الطرح لم يكن جريئًا بل شفافًا؛ طالما لم نخدش أعين المشاهدين، وقد حصل الفيلم على فسح رسمي من الجهات المختصة وهو ما يؤكد ذلك. أرفض أي توجه يضايق الجماهير، والكثير من المشاهد المدرجة هي كوميدية من الدرجة الأولى ولا تمثلني، بل تعكس شخصية” حامد “التي بُنِيَتْ بواسطة فريق العمل”.
بطل فيلم الهامور فهد القحطاني
حقق فيلم الهامور نجاحًا ملحوظًا، ليدخل ضمن قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة في شباك التذاكر السعودية، وحرص فهد على حضور عروض مختلفة من الفيلم في السينما السعودية مع عموم الجماهير، ويصف ذلك: “إطراء الجمهور والنقاد أثلج صدري، وأتلقى العديد من رسائل الشكر. سعادتي لا توصف”.

بعد سلسلة النجاحات؛ أخذ فيلم الهامور منعطفًا جديدًا ليعرض في السينما المصرية كأول فيلم سعودي يُعرض بشكل تجاري في جمهورية مصر العربية، يكشف فهد شعوره: “سَعِدْت جِدًّا بهذه الخطوة إلا أنها كانت محفوفة بالقلق، نظرًا لأن السينما المصرية واحدة من أعرق السينمات في العالم العربي، والمشاهد المصري متشبع بالثقافة الفنية، وهو ما وضعني تحت ضغط شديد، ولكن الفيلم نال إعجاب الجمهور والنقاد”.
المعادلة الصعبة للوصول إلى العالمية!
برع المخرج عبد الإله القرشي في تجسيد حقبة زمنية ثرية بجميع تفاصيلها الفنية والثقافية، ليأخذ المشاهدين في رحلة عبر الزمن إلى عام 2004 بين أحياء جدة القديمة، مثقلًا بالرمزيات الاجتماعية المتداولة في تلك الحقبة. يؤكد فهد بأن هذا التجسيد لامسه بشكل شخصي قائلًا: “شكلت أحياء جدة القديمة وتفاصيلها الاجتماعية شخصيتي، وهو ما أبقاني سعيدًا طوال مرحلة الإعداد”. هنا تقفز المعادلة الصعبة؛ هل يشكل هذا التجسيد الناجح لحقبة زمنية مليئة بالمحلية عقبة أمام نجاح العمل خارح حدود المملكة العربية السعودية؟
“في عهد رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة 2030، باتت السعودية محط أنظار الجميع، ولدينا العديد من القصص الأيقونية التي تستحق أن تروى للعالم، ولن تكون معضلة لنجاح العمل عَالَمِيًّا”.
بطل فيلم الهامور فهد القحطاني

على الرغم من أن فهد بدأ مسيرته السينمائية بدور رئيسي لفيلم واجه نجاحًا ملحوظًا، إلا أن ذلك قد يكون سلاحا ذو حدين، فهل يبقى فهد القحطاني أسير شخصية “حامد” خلال مسيرته الفنية؟
“لدي نظرة تفاؤلية حول مستقبلي الفني، ولن أكون أسير شخصية” حامد “بإذن الله، لدينا العديد من المخرجين المبدعين القادرين على رسم رؤية إخراجية مغايرة تمامًا، وقد أشارك قريبًا في عمل سينمائي مختلف يناقض شخصية” حامد “، ولا أستطيع الكشف عن المزيد من التفاصيل الإضافية”.
بطل فيلم الهامور فهد القحطاني
بالطبع فيلم الهامور ليس الفيلم السعودي الأول، ولكنه وبكل جدارة من أولى الأعمال المحلية التي وضعت السينما السعودية وسط خارطة صناعة السينما العالمية، مؤذنةً ببزوغ فجر جديد بمواهب سعودية صٌقلت خبراتها على مر السنين لتحكي قصصًا أيقونية دارت داخل المملكة العربية السعودية.
يمكنك قراءة: فيلم الهامور السعودي المستوحى من أحداث واقعية يتخطى التوقعات، -مراجعة كاملة-