الفيلم السعودي الأول المستوحى من أحداث واقعية يفاجئ الجميع بإنتاجه العالي وطرحه الجريء، نضع لكم مراجعة فيلم الهامور.
تعيش السينما السعودية فترة ذهبية وسط تعطّش جماهيري ملحوظ، وخلال السنوات الماضية شهدت صالات السينما السعودية عدداً من الأفلام المحلية التي امتازت بطابع كوميدي فريد وثري. ولكن هذه المرة يقدم المخرج عبدالإله القرشي عملاً مختلفاً بطابع درامي كوميدي، مجسداً حقبة زمنية واضحة المعالم.
تدور أحداث فيلم الهامور في مدينة جدة تحديداً عام 2004م، هنالك يظهر “حامد” حارس الأمن الذي تمكن من جمع ثروة ضخمة متبعاً أحد الأساليب غير التقليدية، بمساعدة مجموعة كاملة من المعارف والأصدقاء. “حامد” هي الشخصية المحورية التي تدور حولها القصة، حيث حرص المخرج على إبراز دوره في عملية الاحتيال الأشهر، وكيف كانت تداعياتها النفسية والاجتماعية عليه.
منذ الوهلة الأولى وعند انطلاقة الفيلم؛ ستلاحظ الإنتاج السينمائي العالي الذي تجاوز النواحي الفنية مثل الإخراج والتصوير والموسيقى التصويرية وصولاً إلى السرد القصصي السلس، والحبكة الدرامية المتقنة والمتماسكة، التي يتخللها العديد من المشاهد السينمائية العميقة على غرار تلك التي نشاهدها في الأفلام الهوليودية الكبرى.

بجانب الجودة؛ قدم العمل قيمة مضافة ترتكز على الجرأة في الطرح، ليحاكي الواقع والحقبة الزمنية بجميع تفاصيلها وأحداثها، ليظهر فيلم الهامور بصورة سينمائية مختلفة عن نظائره في المملكة العربية السعودية مقتربًا من الخطوط الحمراء، ولكن لهذه الجرأة في الطرح آثار جانبية قد تحد من جماهيرية العمل الذي فرض قيوداً على أعمار المشاهدين، ولم يعد خياراً مناسبًا للعائلات.
يمكنك قراءة: فيلم الخلاط بلس يتصدر قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة على نتفليكس
برع المخرج “عبدالإله القرشي” في تجسيد حقبة زمنية فريدة بجميع تفاصيلها الدقيقة والثرية، ليأخذ المشاهد في رحلة زمنية تعود به إلى العام 2004م في مدينة جدة. ترتكز الرؤية الإخراجية في فيلم الهامور على شخصية “حامد”، وقصة صعوده التي صاحبها العديد من التحديات والاضطرابات.

وقع اختيار المخرج على الممثل السعودي “فهد القحطاني” الذي أبدع في تأدية دور “حامد”، متنقلاً بين فصول الشخصية بكل سلاسة وإتقان دون الإخلال بنواحيها الفنية والدرامية، ويعزز الدور ملامح “فهد” المفعمة بالمحلية، ولغة جسده التي تعكس هوية شخصية “حامد” ووسطه الاجتماعي. على الجانب الآخر تألقت الممثلة السعودية “فاطمة البنوي” كعادتها بتأدية دور “جيجي”؛ الشخصية التي تحمل في ثناياها العديد من المفاهيم العميقة، والمجسدة لوسطٍ اجتماعيٍ كان وما زال حاضراً في تلك الحقبة وحتى اليوم.

وبالحديث عن التألق؛ لن ننسى الأداء المميز الذي قدمه الممثل السعودي “خالد يسلم” مؤدياً دور “سليمان”؛ الشخصية المشاكسة والبعيدة كل البعد عن الرتابة. وتمكن خالد يسلم من إضفاء لسمة كوميدية أحبها الجمهور. ولن ننسى أدوار كل من: “خيرية أبو لبن” بدور “فاطمة”، والممثل إسماعيل الحسن بدور “أبو عزة”، بجانب الممثل على الشريف بدور “راكان”.
يمكنك قراءة: مراجعة فيلم ذا منيو The Menu, عالم المأكولات الراقية بوجه مختلف!
تميز فيلم الهامور بالمشاهد السينمائية التي ستُخلد في ذاكرة السينما السعودية؛ بفضل رمزيتها العميقة، وطرحها الذي يخدم بناء الشخصيات، وتألقت هذه المشاهد السينمائية بفضل الموسيقى التصويرية البديعة المُقدمة من الموسيقار العربي “هشام نزيه” المشارك في العديد من الأفلام مثل: “كيرة والجن” “تراب الماس” “العارف”.


لم يخلٌ فيلم الهامور من الإشكالات الفنية والتي تتصدرها الهندسة الصوتية، حيث عانى العمل في بعض مشاهده من عثرات صوتية أثناء الحوارات، وتداخل الأصوات في المشاهد الأخرى. على الرغم من تألق السرد القصصي والحبكة الدرامية؛ إلا أن مدة الفيلم الطويلة نسبياً أصابت المشاهد بشيء من الملل خلال الـ120 دقيقة.
بالطبع فيلم الهامور ليس الفيلم السعودي الأول، ولكنه وبكل تأكيد من أولى الأعمال التي تضع السينما السعودية وسط خارطة صناعة السينما العالمية، مؤذنةً ببزوغ فجر جديد بكوادر محلية صقلت خبراتها على مر السنين لتحكِي قصصًا وأحداثًا أيقونية دارت داخل المملكة العربية السعودية.
من الجدير بالذكر أن فيلم الهامور صدر للجماهير بتاريخ 19 يناير 2023م، وهو من إنتاج بوليفارد ستوديو Boulevard Studios. لحجز تذكرتك الآن قم بزيارة الرابط: من هنا .
تابع القراءة: الأفلام المرشحة لجوائز الاوسكار 2023، قائمة كاملة تحمل العديد من المفاجآت
يمكنكم قراءة آخر أخبار الثقافة على موقع اسكواير السعودية