إذا كان اختزال جوهر نجاح مشاريع ريادة الأعمال في كلمة واحدة ممكناً، فستكون تلك الكلمة “الشغف” ، الشغف هو المحرك، والدافع، والمحفز اليومي للانطلاق إلى أبعد ما يمكن للطموح أن يصل إليه. استضافت إسكواير السعودية حامد الدبور مؤسس العلامة التجارية “هاوس أوف سنمار“ أو كما وصفها “دار القمر“.
كانت إشراقة هاوس أوف سنمار الأولى في عقله خلال سنوات دراسته الجامعية في المملكة المتحدة، خاض حامد الدبور تجارب عديدة انعكست بشكل كبير في تكوين هوية وشخصية المؤسس الشاب في تأسيس علامته التجارية هاوس أوف سنمار ونشاطاته التجارية الأخرى، فأصبح يتمتع كرجل أعمال بالمزيد من الدراية والخبرة العملية والتي انعكست بصورة إيجابية على مشهد الأزياء السعودي والعالمي.

لقد وضعت هاوس أوف سنمار قواعدها الخاصة وأُسس عملها المبتكرة في تقديم خط جديد للأزياء في كل موسم. وما ميّز هاوس أوف سنمار هو تقديمها لكل شيء وفقاً لمعاييرها الخاصة مثل القياسات والقماش والدرجات اللونية كما أن تصميم الملابس هو تصميم حصري بالدار يشرح حامد الدبور عن ذلك بالقول: “نملك في هاوس أوف سنمار قواعد ومبادئ نعمل بها لابتكار وتقديم مجموعة الأزياء الخاصة بنا، تمر كل مجموعة في مراحل عديدة تحت إشراف عائلة سنمار، والتي اكتسبت الـ DNA الخاص بهاوس أوف سنمار بعد سنوات طويلة من العمل الجماعي بيننا، نبدأ بروح الفريق لتقديم ما يسمى بـ Mood Board والذي يربط كل ما يلهمنا من ألوان وأقمشة وصور مستوحاة من الطبيعة السعودية كما أنه مستوحى من تراثنا المحلي الغني بالأفكار الجمالية،
نبدأ بعدها بوضع التصاميم الأولية كفكرة توضيحية للأزياء المراد تنفيذها، ونعقد الاجتماعات بشكل مستمر لبحث المخططات وتعديلها حتى نصل إلى مرحلة اختيار الأقمشة والألوان والقياسات فنحرص على الحصول على عينات أولية لجميع التصاميم لمراجعتها والتأكد من ظهورها بالجودة والشكل المطلوب، تكثر المراحل وتتوالى حتى مرحلة المفاضلة النهائية لاختيار التصاميم والأقمشة والألوان التي تتسم بطابع جمالي يحمل روح وفكر واجتهاد فريق سنمار بالكامل”.
يملك حامد الدبور معادلته الخاصة في تقديم مجموعات الأزياء الجديدة، حيث تعتمد هذه المعادلة على نسبتين رئيسيتين هما: نسبة 35٪ تخص الإصدارات الخاصة التي تمثل هوية وفكر العلامة التجارية بشكل بعيد كلياً عن أي مؤثرات أخرى، في حين أن نسبة 65٪ من الأزياء تحاكي التوجه الرائج لخط الأزياء العالمي وتأثير تغير الأنماط المعيشية في العالم، على سبيل المثال هناك توجه كبير اليوم نحو الأزياء التي تجمع بين الراحة والأناقة في الوقت نفسه. إذ جاء هذا التوجه نتيجة ساعات العمل الطويلة أو التي تتطلب فاعلية حركية بشكل أكبر.
يقول حامد الدبور: “لم أتعلم هذه النسبة بشكل نظري أثناء سنوات دراستي الجامعية ولكنني تعلمتها من خلال التجارب العملية التي خضتها في قطاع الأزياء عموماً ومن خلال تجاربي في هاوس أوف سنمار والعلامات التجارية الأخرى التي أسستها على وجه الخصوص.”
تأسست دار أزياء هاوس أوف سنمار في المملكة المتحدة، لندن. لقد انطلقت بشغف قلب سعودي عمل بكل جهد لبث روح التراث العربي فيها. فقد اختار حامد الدبور اسم “سنمار” ومعناه “القمر” في اللغة العربية القديمة. يعد سنمار صفةً لازمةً للجمال عند العرب استخدمت في قصائدهم وأحاديثهم، كما ارتبط اسم سنمار بقصة “جزاء سنمار“ والتي تحكي قصة المهندس المعماري سنمار وبناءه لقصر الخورنق للملك النعمان، والذي يعرف كمعجزة هندسية فائقة الجمال، تناقل وصفها البديع عبر التاريخ. من المحزن بأن المهندس “سنمار” قد لقي حتفه لأن الملك النعمان لم يكن يريد أن يعرف أحدٌ غيره سرَّ قصره البديع فرماه من شرفة القصر.
تستوحي هاوس أوف سنمار ألوانها من تدرجات الكثبان الرملية والهضاب السوداء لتطرح جمالية الطبيعة العربية. كما تستوحي من الذئب قياديته وولائه وكبريائه وتستوحي أيضاً من الصقر مفهوم الحرية والارتقاء في السماء، وتعتنق أيضاً مفاهيم الروحانية العالية والدعوة إلى الفضيلة من خلال العبارات الجذابة على المنتجات التي تحمل توقيع هاوس أوف سنمار مثل Praying Helps ، الصلاة تساعد وأيضاً Kindness is Mark of faith، اللطف علامة إيمان.
يقول حامد الدبور عن سبب اختياره لهذه العبارات: “إن هذه العبارات تمثل هويتنا العربية بمختلف الأديان، فالعرب بوجه العموم شعوب ذات طابع ديني وعاطفي وروحانية عالية، كما أن هذه العبارات لاقت رواجاً كبيراً في متاجرنا حول العالم، فإن اختلفت المعتقدات فالروح والفطرة ما يجمعنا، والمبادئ التي تدعوا إلى الفضيلة أمرٌ تتفق عليه فطرة الإنسان”.

عموماً فمنتجات هاوس أوف سنمار عابرة للثقافات والبلدان. وعلى ذكر البلدان كان لا بدّ أن نسأل حامد عن مكان تصنيع منتجات علامته التجارية وقد أجاب بمنتهى الشفافية والوضوح بالقول: “يمكنك أن تصنع منتجاً بجودة دولار واحد، ويمكن أن تصنع منتجاً بجودة مليون دولار. فأنت يمكنك أن تصنع منتجاً بجودة منفخضة في لندن أو ميلانو ويمكنك أن تصنع منتجاً فاخراً ومرتفع الجودة في الصين أو فيتنام، لذا المكان غير مهم بقدر ضبط معايير الجودة والحرفية في التصنيع. لقد صنعت في لندن وفي ميلان كما أني صنعت في تركيا منذ فترة طويلة، وأيضاً صنعت في الصين.
إلى جانب معايير الجودة نأخذ معايير الاستدامة بعين الاعتبار لذا فقد بدأنا منذ سنتين استخدام مواد صديقة للبيئة في تغليف منتجاتنا وهذا الأمر يأتي في إطار مسؤوليتنا الاجتماعية تجاه المجتمع والبيئة”.
يرى حامد بأن النتائج الإيجابية في استخدام المواد الصديقة للبيئة هو أمرٌ لا يقدر بثمن. كما أن المسؤولية الاجتماعية لهاوس أوف سنمار لا تقف عند البيئة، فقد رعت الفرق الرياضية النسائية في المملكة العربية السعودية في المناسبات المحلية والعالمية، كما قامت بتوزيع آلاف التيشرتات التي صُنعت محلياً داخل السعودية للتوعية حول مخاطر كوفيد-19.
يرى حامد الدبور بأن تصنيع أزياء هاوس أوف سنمار محلياً هو طموح لن يطول تحقيقه في ظل الدعم الكبير الذي توليه رؤية المملكة 2030 لتطوير قطاع الصناعة في المملكة العربية السعودية. ولكن لا يمكن إنكار حجم التحديات والعقبات كون المملكة لا تندرج ضمن البلدان المنتجة للقطن والأقمشة.
بعيداً عن صناعة المنتجات كان لا بد أن نعرف من يحدد ما هي الموضة لهذا الموسم أو ذاك ويقول حامد عن ذلك: “من الواضح بأن أكبر العلامات التجارية هي التي تحمل أكبر فائدة وبالتالي تقدم الموضة، كما برزت مؤخراً قوة جديدة لم تكن موجودة قبل 10 سنوات وهي قوة الناس المؤثرين على السوشيال ميديا. سأضرب لك مثالاً ساعة “سواتش – أوميغا” المشتركة والتي كان للناس والمؤثرين دور كبير في تقديمها وزيادة الطلب عليها وبالتالي تمت صناعة الموضة في هذه الحالة.
وتعد هاوس أوف سنمار إحدى قيادات الموضة في السوق السعودي إن لم تكن الأقوى من خلال تواجدها القوي في مختلف نقاط البيع، بالإضافة إلى ارتداء العديد من المؤثرين لأزياء هاوس أوف سنمار مثل المغني والممثل المصري الشهير محمد رمضان والعديد من لاعبي المنتخب السعودي لكرة القدم مثل نواف العابد ومحمد كنو.
أما عالمياً فقد ارتدى أزياء هاوس أوف سنمار نجم هوليوود الاسكتلندي الشهير جيرار بتلر ونجم بوليوود علي فضل وغيرهم، إن الشخصيات المؤثرة والشهيرة في الغالب تبحث عما هو مميز ومتفرد واستثنائي وذو جودة عالية.
مما يبدو أن حامد الدبور راضٍ بشكل كبير عن الأداء التسويقي لهاوس أوف سنمار في مواجهة العلامات التجارية ذات الميزانيات الإعلانية الضخمة، ترجم حامد الدبور فكره التسويقي قائلًا: “هاوس أوف سنمار ليست علامة تجارية بالمفهوم الشائع، ففي هاوس أوف سنمار نبحث دائماً عن التفرد والحصرية ونطمح أن تكون هذه الدار هي الخيار الأمثل والأقوى لكل من يبحث عن التميز والتفرّد بهويته الخاصة في عالم الأزياء”.