كأس العالم هو كرنفال رياضي و إجتماعي له أهمية كبيرة عند الكثير الشعوب، منذ أول نسخة له عام 1930وهو إنعكاس لما يحدث في العالم ويحمل في طياته الكثير من المواقف والقصص، و لن نخوض في أحداث ما قبل الستينات من القرن الماضي لكثرتها وتتابعها، إن المشاركة والفوز في المونديال هو إنجاز قومي يتعدى حيز الرياضة، حيث أن على مدى تاريخ كأس العالم هناك أشخاص تأثرت حياتهم وإنتهت بشكل مأساوي بسبب ما حدث المربع الأخضر، وهناك تغيرات أحدثها المونديال وتركت أثراً على شعوب بأكملها، وهناك تدخلات ومؤامرات سياسية حاولت تغيير مجرى ونتائج المباراة،

مأساة كولومبيا

أن تكون لاعب منتخب لدولة تطفوا على بحيرة من الفساد وتملئها العصابات، عندها الخطأ في الملعب قد تكون ضريبته حياتك.

منتخب كولومبيا يحمل بسجله التاريخي 6 مشاركات في كأس العالم، وكان أهم هذه المشاركات تاريخياً في نسخة 2014 بالبرازيل، حيث وصل إلى الدور ربع النهائي بكتيبة نجوم ضمت خوان كوادرادو وجيمس رودريجيز، ولكي نفهم الواقع الكولمبي بشكل عام جدير بالذكر بأن كولومبيا هي الدولة الوحيد التي إعتذرت عن تنظيم كأس العالم 1983 عن تنظيم كأس العالم، بسبب الأزمات المالية التي غمرت البلاد، وعدم قدرتها على الوفاء التجهيزات والبنية التحتية والملاعب التي تطلبتها الفيفا منها،

ولكن المأساة الكبرى كانت عنوانها الاعب اندرياس إسكوبار، مدافع المنتخب كولومبي ومدافع أتلتيكو ناسيونال، وهو لاعب هادئ ومنضبط ومحبوب من الجميع، حمل أحلام جيل ذهبي في كولومبيا،، بعد تعرضه للقتل بعد 6 أيام من مباراة منتخب بلاده الأخيرة فيفي الدور الاول من كأس العالم 1994، حيث أُردي قتيلاً بستة رصاصات في صدره فبعد ليلة جيدة في إحدى الحانات، غادر إسكوبار المبنى مبتعداً عن بعض الهتافات الساخرة من الحاضرين، لاحقه أربعة أشخاص، ليحاول إسكوبار تجاوزهم بسيارته، ليفاجئ المدافع الراحل بست رصاصات أطلقت من بندقية، في واحدة من أكبر صدمات ومآسي كأس العالم عبر التاريخ، وسط تقارير بأن سبب القتل كان هو تسجيله هدفاً عكسياً بالخطأ في مرمى بلاده مما أدى للخسارة 1-2 بدور المجموعات الذي أخرج الكولمبا من البطولة .

إنتهاء الحرب أهلية في الكوت دفوار على يد دروغبا

القصة تبدأ بإستقلال دولة ساحل العاج عن الإحتلال الفرنسي ويستلم فيليكس أوفوي بوانيي رئاسة البلاد لفترة استمرت 33 عاماً، وكان أداء الرئيس ممتاز ومناسب لدولة تريد أن تخرج من غمامة الإحتلال وتحاول النهوض مما دفعه للتركيز على الزراعة وتطويرها و جعلها رأس حربة حركة النهوض الإقتصادى المحلي ونجح بالفعل، حتى سميت سنواته الأولى بعصر المعجزة، وبأثر هذا النهوض والتحسن الإقتصادي بدأت الهجرة بعشرات الألاف من الدول الإسلامية المحيطة، ،

فكان النظام السياسي في البلاد معتمداً بشدة بجاذبية الرئيس الشخصية، وصلاحيته السياسية والاقتصادية ولم يكن هناك أي مرشح أخر، اضطر النظام السياسي للتعامل مع الانتخابات التنافسية والمفتوحة بدون وجود أوفوي بوانيي منذ عام 1993 وما بعد، ما أدى إلى بروز إشكالية في حقوق الترشح والإنتخاب لعدد كبير من المهاجرين المسلمين وأولادهم الذين إنتقلوا نحو الجنوب باتجاه االاراضي الزراعية المنتجة للكاكاو، بحلول وتزايد عددهم في في عام 1992 ليصل الى 100ألف.

شكّل المسلمون أغلبية في القسم الشمالي من البلاد، وكانت نسبتهم نحو 38.6 بالمئة من التعداد الكلي للسكان. بالتالي كان تعداد السكان المسلمين أكبر بشكل ملحوظ من ثاني أكبر مجموعة دينية في البلاد.

في هذه البيئة المحتدمة والتي نتجع عنها حرب أهلية قسمت الشمال والجنوب كان لدروجبا دورا بارزا في وضع حد للحرب الأهلية الأولى في بلاده، والتي اندلعت عام 2002، وتوقفت مؤقتا في 2004، قبل أن تعود الاشتباكات في 2005، بالتزامن مع ختام التصفيات المؤهلة لكأس العالم.

دروجبا كان النجم الأبرز ضمن جيل أقوبياء من لاعبي ساحل العاج المحترفين، الذي تأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه عام 2006 في ألمانيا، وصعد المنتخب في صدارة مجموعته الثالثة بتصفيات أفريقيا لمونديال 2006، التي ضمت اثنين من عمالقة القارة السمراء هما الكاميرون ومصر، بجانب السودان وليبيا، ومع إنقسام البلاد وإستمرار الإشتباكات إلا أنه تجمع الشعب الإيفواري بكافة أطيافه لمتابعة الجولة الأخيرة من التصفيات، متشبثين بأمل “الأفيال” في التأهل لكأس العالم.

وحصد المنتخب الإيفواري ورفاقه بطاقة التأهل بعد الفوز (3-1) على السودان وتعادل الكاميرون مع مصر (1-1) في الجولة الأخيرة، ليجتمع دروجبا مع باقي عناصر فريقه في غرفة الملابس بملعب “أم درمان”، ويُلقي خطاباً حماسياً مؤثراً يدعوه فيه أبناء بلده للوحدة ويطلب من الجميع وقف إطلاق النار وترك السلاح وهذا فعلاً ما حدث في عام 2007، التي كانت النهاية الرسمية للحرب، عندما أعلن دروجبا بأن مواجهة مدغشقر ستكون في مدينة بواكي الشمالية عاصمة المتمردين، وليس في العاصمة أبيدجان كما كان مقررا، وذلك لكي يذوب التوترات المتبقية بين الطرفين عبر كرة القدم.

إلغاء هدف البرازيلي في الكويت

هي صورة نمطية غير لطيفة عندا نرى تدخل في أرضية الملعب من شخصيرتدي اللباس الخليجي العربي التقليدي الثوب والشماغ والبشت، ويغير قرار تحكيمي بإشارة ويُلغي هدف، وإن كان الهدف غير مستحق، هذه الواقعة كانت مثيرة للجدل و خرج بأثرها مئات المقالات والتغطيات العالمية والمليئة الرفض والسخرية،

كانت الحادثة في مباراة الكويت وفرنسا فبعد أن أحرز ألاين غيريسي هدفاً فرنسا الرابع في مرمى الكويت، الذي توقف لاعبوها عن اللعب فجأة في خضم إستمرارية المهاجم الفرنسي بالتقدم وظهر لاحقاً بأن الاعبين الكويتيين لم يستكملوا اللعب بعد أن سمعوا صوت صافرة اعتقدوا أنها من حكم اللقاء السوفيتي شتوبار، وهي كانت من الجماهير،

فنزل الشيخ فهد الأحمد الصباح رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم وشقيق أمير الكويت حينها وإحتج على الهدف أمام أنظار العالم، وتم إلغائه من قبل الحكم، وفي مؤتمره الصحفي وصف رئيس إتحاد الكرة الفيفا بالمافيا، وغرمت الفيفا الشيخ فهد بـ 8000 يورو.

إيقاف رواتب للاعبين من قبل ديكتاتور

زايير سابقاً ودولة الكونغو الديموقراطية حالياً، والذي يحمل تاريخها المونديالي مشاركة واحدة فقط التي ضمنها تعرضوا للخسارة في المبارتين الأولى في دور المجموعات أمام اسكتلندا ويوغوسلافيا، كان لسوء حظ المنتخب الأفريقي أن المواجهة الثالثة كانت أمام البرازيل حاملة اللقب، المباراة التي بدت على أنها ستكون خسارة أخرى وتهديف من طرف واحد، ولكن قبل 10 دقائق من النهاية المباراة، كانت البرازيل متقدّمة 2-0، وعندها إحتسب الحكم ركلة حرة للمنتخب البرازيلي بمنطقة خطرة بالقرب من منطقة الجزاء، مع ظهور ريفيلينو وإستعداده للتسديدة، أطلق الحكم الصافرة وإذ بمدافع زائير مويبو إيلونجا ينفصل عن حائط الصد ولينطلق بإتجاه الكرة ليركلها بعيداً عن أرض الملعبالملعب.

لقد كانت لحظة غريبة حقًا وفسر المعلقين العنصريين حينها الموقف “الجهل الأفريقي” وهو ما قاله المعلق جون موتسون، الذي افترض أن إيلونجا ببساطةجاهل بقواعد لعبة كرة القدم، ولأجل هذه الحركة المستغربة من الجميع حينها تلقى المدافع بطاقة صفراء بسبب فعلته، وعند إستلامه الالتي بدت أنها حيرته أيضاً

في وقت لاحق ، أوضح إيلونجا أنه كان يحاول طرد نفسه احتجاجاً بسبب أن الديكتاتور موبوتو سيكو، رئيس الدولة الذي كان يتدخل بكل تفاصيل المنتخب ويدعوهم لمنزله الخاص ليحفزهم،ولكنه رفض دفع مكافئات اللاعبين قبل مباراتهم الثانية في المونديال مع يوغوسلافيا كان يرفض دفع رواتب للاعبين ، ولكن نظرًا لأنه لم يتلق سوى بطاقة صفراء ، لم ينجح الأمر تمامًا ، وبقيت واحدة. من أكثر المقاطع الكوميدية تكرارًا في تاريخ كأس العالم.

قد يهمكم الإطلاع على أين ستقيم خلال كأس العالم في قطر؟

المحتوى ذي الصلة