تعود سيرة السلطان تيبو الملك المناضل لدوائر النقاش بعد الإعلان عن سيفه كاغلى سيف في العالم بـعد أن تم بيعه في مزاد علني بمبلغ 17 ونصف مليون دولار.

قبل الثورة الصناعية وموجات التطور والحداثة المتعاقبة، كان السيف ليس بمجرد سلاح للقتال بل كان إشارة ودلالة على الثراء والوجاهة والفخر، لدرجة بأن هناك شخصيات في التاريخ العربي القديم مرتبطة صورتهم التاريخية الذهنية بسيوفهم وخيولهم، التي يُتفاخر بها من خلال الشعر، وليس أغلى سيف هو الأعلى قيمة لأن العرب لايبيعون سيوف أجدادهم، وبالطبع هناك من يشذ عن ذلك، أو هناك من تم الإستحواذ على سيفه بفعل أحداث قهرية كما حدث للحاكم تيبو سلطان

أصبح سيف الحاكم الهندي تيبو سلطان المسلم الذي يرى الكثير من المؤرخين بأنه أحد أواخر الملوك المسلمين في الهند، حيث كان تيبو سلطان كان أسطورة في حياته؛ ففي أواخر القرن 18 عارض بشدة الاستعمار البريطاني في جنوب الهند، وشكل تهديدا كبيرا على شركة الهند الشرقية البريطانية.

نسب لقب أغلى سيف في التاريخ لسيف تيبو سلطان بعد أن تم بيعه في المزاد العلني بمبلغ خيالي قدره 17.5 مليون دولار (14 مليون جنيه إسترليني)، في حين أنه كان من المتوقع أن يجلب 2.5 مليون دولار فقط (2 مليون جنيه إسترليني) ، ولكن السيف المزخرف الذي يعود لشخصية أسطورية حطم هذا الهدف ليس فقط ليكون مجرد أغلى سيف في التاريخ، ولكنه أيضاً قطعة أثرية هندية و إسلامية محطمة للأرقام القياسية.

من هو الحاكم المسلم تيبو سلطان
هو أحد أكبر مناهضي للإستعمار البريطاني في القرن الثامن عشر، وكانت هذه سيرته التي رصدها التاريخ المنصف، حتى وقت قريب كان يُنظر إليه على نطاق واسع بين الهنود على اختلاف أديانهم بصورة المقاوم المناضل عظيم، وإستشهد في سبيل الحرية ضد الاحتلال الإنجليزي، و
حكم تيبو سلطان، أو سلطان علي خان، وجلس على عرش مملكة مايسور لفترة قصيرة، ولكنها كانت مدة بارزة مليئة بالأحداث المحورية، وهي الفترة التي كرس فيها بنضاله وإقدامه أشجع ملاحم المقاومة ضد الاحتلال البريطاني في شبه الجزيرة الهندية.

ومن المثير للاهتمام ، أن تيبو سلطان يُنسب إليه بأنه كان رائد المدفعية الصاروخية في تاريخ الهندحيث أنه أن استخدم أنابيب معدنية مليئة بالبارود كمدفعية بعيدة المدى ضد الهجمات البريطانية، مما يدل على أن عقليته وأساليبه العسكرية كانت سابقة لعصرها بشكل ملحوظ. وإن كانت تأثيرها لم يكن ذو أثر بشكل خاص على القوات المعادية ، لكن الضوضاء الصاخبة وومضات الضوء الساطعة كانت كافية لإخافة قوات شركة الهند الشرقية بشكل فعال ،
القوي يكتب التاريخ حتى تزول قوته
مع تفاقم موجة التعصب الديني ضد المسلمين التي تم إثارتها في مطلع القرن التاسع عشر بقيادة الجماعات الهندوسية التطرفة ، أصبح هناك رفض لرمزية تيبو سلطان، بل ووصمه بأنه كان “إرهابيًّا مسلمًا يضطهد الهندوس”.
ومن الدلالات المبينة لمدى عنصرية حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم وضمور عقول قادته هو ما أعلنته حكومة ولاية كارناتاكا من عزمها على تغيير اسم خط القطار الذي يربط بين مدينتي مايسور وبنجلور ليحمل اسم “ووديار”، بعد أن كان مسمى أسوةً بهذا الحاكم المسلم الشهير. الأمر الذي أعادة سيرة هذا الحاكم المسلم إلى الواجهة

تدليس التاريخ واجه معارضة داخلية هندية تقتصر على أقلية نخبوية، بسبب حالة الشعبوية الهستيرية التي تغمر اغلبية الشعب الهندوسي المتطرف، الموجة التي يقودها منظريها وسياسييها، مثل إعتراض البرلماني الهندي الشهير أسد الدين عويسي على القرار تغيير أسم القطار عبر حسابه على تويتر قائلا “أعلنت حكومة حزب بهاراتيا جاناتا تغيير اسم القطار من تيبو إلى ووديار، وذلك لأن تيبو يزعج الحزب الحاكم لأنه شن 3 حروب ضد أسيادهم البريطانيين”.
وأضاف “لن يتمكن حزب بهاراتيا جاناتا أبدا من محو إرث تيبو، لقد أخاف البريطانيين عندما كان على قيد الحياة، وحتى الآن يخيف عبيدهم”.
السيف وتراكيبه الجمالية
السيف بجماليته التاريحية بعتبر قطعة فنية رائعة ، اشتهرت بصلابتها بسبب بنائها من فولاذ Wootz ، والذي كان معروفًا أنه أقسى أنواع الفولاذ صلابة حين صناعته في القرن الثامن عشر

ترددت شائعات عن مدى قوة الهندية التي تعود لتلك الحقبة التاريخية تحكى قصص لمعارك كانت هذا النوع من السيوف يسهل عليها إختراق الدروع بسهولة، مما يجعلها تبرز من نطاق علم المعادن في ذلك الوقت. وبمكن الإشارة لمكانة حامل السيف عبر المقبض، كما نرى مقبض سيف السلطان تيبو الذهبي المغطى بعلامات ونقوش بكلمات (يا ناصر يافاتح يا معين) على النصل تسميها “سيف الحاكم” ، من بين كتابات أخرى أضيفت بعد وفاته.
بمجرد هزيمة تيبو سلطان على يد البريطانيين ، استعادتها القوات البريطانية من حجرة نومه في عام 1799 وقدمت إلى اللواء ديفيد بيرد “كرمز لتقديرهم العالي لشجاعته وسلوكه في الهجوم الذي أمر به والذي تيبو فيه. قُتل سلطان “، وفقًا لبيان صحفي صادر عن دار المزادات بونهامز.

مقبض السلاح مزين بكتابة مذهبة تذكر “خمسة من صفات الله ودعاءين يدعوان الله بالاسم”. “سيف الحاكم” مكتوب بدقة باللغة الفارسية على النصل، الذي صنعه صانعو السيوف المغول على غرار نموذج الشفرات الألمانية التي أدخلت إلى الهند في القرن السادس عشر.
ولم يكن حتى السيف الذي استخدمه في المعركة وفقد خلالها بل أنه فُقد حتى قبل ذلك وتم الاحتفاظ به منذ ذلك الحين في المتاحف البريطانية. ومع ذلك ، فإن ما يجعل هذا السيف مميزًا للغاية هو الفن الذي يزين المقبض ، إلى جانب الارتباط الوثيق الذي كان يحمله مع المسطرة الأسطورية.
قد يهمكم الاطلاع على رحلة النحت بين المشرق والمغرب