العلاقات السعودية البريطانية إمتداد لتاريخ طويل يحمل في طياته الكثير من التغيرات والحميمية.
إن إسم دولة بريطانيا يتردد عند إسترجاع التاريخ الحديث للجزيرة العربية والخليج خاصةً، و العلاقة بين الجانبين تغيرت طبيعتها مع الحقب المتتالية بدءً من الحالة الإستعمارية إلى الوصاية ثم الإستقلال العربي والإنقسامات القومية التي حلت على المنطقة بفعل إتفاقية سايكس بيكو، ومع هبوط و إنقشاع النفوذ البريطاني عن المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية والنفوذها السياسي التي ورثته الإمبراطورية الأمريكية الصاعدة حينها، أخذت العلاقة بين السعودية وبريطانيا منطلق جديد منذ ذلك الحين حيث كانت العلاقة تتجه أكثر للشراكة الإستراتيجية مبنية على علاقة متأصلة تحولت من حليف وجودي إلى شراكة وتعاون بدأت دبلوماسياً من 1915 أو قبل ذلك
وإذا أردنا الرجوع إلى تاريخ العلاقة فعلياً سنرى أنها متواجدة بشكل قوي منذ الحرب العالمية الأولى، ومن أوائل وأهم محطاتها كانت عند توقيع الملك عبدالعزيز بن سعود معاهدة دارين بتاريخ 1915 مع الحكومة البريطانية، التي أتت بالحماية البريطانية في تلك المرحلة، في 20 مايو 1927، عقدت الحكومة البريطانية ومملكة نجد حينها إتفاقية معاهدة جدة وكانت المملكة المتحدة من أولى البلدان التي اعترفت عام 1927 بالوفد الدبلوماسي في البلاد، وإفتتحت السعودية سفارتها في لندن عام 1930، والتي كانت ثاني كيان دبلوماسي سعودي في الخارج وكان تحت قيادة حافظ وهبة،

وتتعدد الزيارات التاريخية والمهمة التي دارت بين أعلى قيادات الدولتين منذ أن أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – ودولة رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خلال لقائهم التاريخي في مصر الذي جمعهما في 1945م،
ومن أهم الزيارات التاريخية المتبادلة بين قيادتي البلدين يتصدر في هذا النطاق قيام الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بزيارة رسمية لبريطانيا عام 1967م، في حين أنه ـ رحمه الله – رأس أول بعثة سعودية لبريطانيا عام 1919م عندما كان أمير يافع وكان حضوره وأداءه موفق بهذا العمر الصغير وخاصةً أن الزيارة كانت في وقت مهم وحساس.
بالإضافة لزيارة الملك خالد والملك عبدالله في فترات متفاوتة من حكمهم بالإضافة لأخر زيارة من طرف القيادة الملكية التي قام بها ولي العهد محمد بن سلمان بجانب مقابلته لرئيسة الوزراء حينها والأمير تشارلز أمير ويلز وولي عهد بريطانيا(الملك الحالي)، والأمير وليام دوق كامبريدج.

المملكة المتحدة والسعودية هما حليفان استراتيجيان إقتصادياً وسياسياً في السابق وحالياً وخاصةً بعد خروج بريطانيا من الإتحاد الإوروبي . وهناك ما يزيد 200 شركة مشتركة ما بين الشركات البريطانية والسعودية، تصل قيمتها الإجمالية إلى 17.5 مليار دولار، ويوجد 30.000 مواطن بريطاني يعيشون ويعملون في السعودية. والسعودية هي الشريك التجاري الرئيسي للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط

,والإهتمامات المشتركة التي ترتكز عليها العلاقة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتمت مناقشة العديد من القضايا العالمية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها العمل على الوصول لحالة من لإستقرار تعم الشرق الأوسط، وتم التركيز على ذلك ضمن عدة الزيارات ولقائات في كلا البلدين على جميع النطاقات والدرجات بالقيادة والوزارت .
علاقة الملك تشارلز الثالث المتوج حديثاً مع المملكة
الملك تشارلز الذي توج فور موت الملكة بهذه الطريقة السريعة بناءً النظام الملكي الوراثي، فوراثة العرش محكومة بقوانين يعود تاريخها الى القرنين الـ 17 والـ 18.

يحمل ماضي حميمي كبيرة مع المملكة منذ ولايته للعهد وإن كان منصب الذي تبوئه يقيده الدستور البريطاني مع أن الملك يعتبر رأس السلطة التشريعية والتنفيذية والعسكرية، أن هناك شواهد و مقتطفات تاريخية تدل على عمق العلاقة بين الملك الجديد وبين القيادة في المملكة على مدى 40 عام، في خضم ولايته للعهد في أثناء حكم الملكة إليزابيث التي توفت قبل أيام بعد أن إستمرت على العرش البريطاني لمدة 73 عام وهي أطول فترة حكم في تاريخ الملكية البريطانية،
تعددت زيارات تشارلز للمملكة على مدى العقود الماضية لتصل إلى تسع زيارات رسمية من أكثرها إثارة للإهتمام هي زيارته لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 2006، وهي التي أعطت إنطباع حول إتجاهات الأمير حينها فما يخص المسلمين والدين الإسلامي وطريقة التعاطي معه بشكل يميزه عن قيادات الدول الأوروبية التي تستخدم العداء للدين الإسلامي لتجييش الشعوب نحو التعبئة السياسية طمعاً في الوصول للحكم والإستمرار فيه، كما أن الملك تشارلز لديه خبرة طويلة في الشرق الوسط، ونظرته للعالم العربي والإسلامي لا تتسم بالجهل، و كانت تصريحاته ومواقفه المواكبة للأحداث على مدى فترة تقلده لولاية العهد البريطانية كانت متجانسة مع و غير متحاملة العقيدجة والثقافة الإسلاميةوتنبذ العنصرية وموجات الشيطنة النمطية

وكان لإرتدائه للزي السعودي تحت مسمى تشارلز العربي لاقى إستحسان و بهجة الكثير حينها عندما شارك في العرضة السعودية في إحدى زياراته للمملكة ضمنت مهرجان الجنادرية للثقافة، محاطاً بكبار الأمراء من العائلة المالكة

بعد إرسال التعازي الرسمية من كل من الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان التي تعبر عن الأسى و الحزن بوفاة أمه الملكة إليزايبث، التي تبعتها تهنئة بتعلي الملك تشارلز الثالث على العرشالبريطاني ، يناءً على البروتوكولات الملكية فإن جنازة الملكة إليزابيث ستكون في خضم العشرو أيام القادمة وبالطبع سيتواجد أحد الممثلين للقيادة السعودية للدلالة على مدى عمق العلاقات بين الدولتين والعائليتين الملكيتين، والجدير بالذكر أنه لم يتم الإشارة إلى إن كان سيحضر جنازةالملكة شخص بعينه من القيادة السعودية وماهي درجة التمثيل، ولكن الأكيد بأن الحقبة الجديدة للتاج البريطاني تتوائم مع مع التاريخ التشاركي بين البلدين.
قد يهمكم الإطلاع على ولي العهد الأمير تشارلز يستلم أموال من أخوين بن لادن