غرناطة مدينة تمزج بين التاريخ الإسلامي والمسيحي بجمال ساحر، حيث تستقبل الزوار بحرارة بين أزقتها العتيقة، وتروي جدرانها حكايات تراثية تعود لقرون.

تخفي مدينة غرناطة الإسبانية في طياتها أسراراً لا تنتهي، ما يجعل اختيار نقطة الانطلاق لاستكشافها مغامرة بحد ذاتها. هنا، في أحيائها التاريخية، تتعانق التأثيرات الإسلامية والمسيحية في مشهد بديع يمتد عبر القرون، فتتجسد في زواياها روح ضيافة غنية تلامس الزائرين وتستقبلهم بحرارة. وأنت تسير في أزقتها المتعرجة، وتصعد درجاتها الحجرية، وتتمعن في واجهات مبانيها العتيقة، تكاد تسمع أصداء حكاياتها التراثية ترددها جدرانها وأحجارها العتيقة.

انطلق في جولة عبر ممرات “ألبايثين” المتشابكة، محاطاً بعبق التاريخ وتحت أنظار “الحمراء” الساحرة، أيقونة المدينة وسيدتها. قصر الحمراء، هذا المعلم التاريخي، يتربع شامخاً على قمة تل يضمن له هيبةً عسكرية عبر العصور، ويُعتبر من أشهر الصروح المعمارية الإسلامية وأكثرها حفظاً. بُنيت الحمراء لتكون درة في فنون العمارة والزخرفة، وما زالت تحافظ على سحرها وجاذبيتها كأحد أفضل القصور المحفوظة في العالم الإسلامي، مما يجعلها وجهة لا غنى عن زيارتها.

لكن غرناطة ليست مجرد مشهد معماري ساحر، بل هي أيضًا ملاذ لعشاق الطعام. فباعتبارها إحدى أهم مدن منطقة الأندلس، تُشتهر غرناطة بأطباق “التاباس”، إذ تُقدّم وجبة خفيفة مجانية مع كل مشروب في أي مقهى أو حانة، لتتحول أمسياتك هنا إلى رحلة طهوية مشوقة، تغني الحواس وتبقى في الذاكرة.

أين تقيم في غرناطة؟

إذا كنت تبحث عن إقامة فاخرة، فـ”قصر غران فيا” – فندق رويال هايدواي – هو الخيار المثالي. مملوك لمجموعة فنادق “بارسيلو“، يقع هذا الفندق الراقي في قلب غرناطة ويعود بناؤه إلى عام 1905، مقابل كاتدرائية غرناطة الأيقونية. وقد حافظت إدارة الفندق على كثير من تفاصيل تاريخه حينما كان مقراً لبنك “رودريغيز أكوستا”، بدءاً من باب القبو الأصلي إلى النوافذ المزخرفة التي كانت تخدم عملاء البنك.

أعاد “قصر غران فيا” ابتكار نفسه ليصبح فندقًا بوتيكًا فاخرًا من فئة الخمس نجوم، يضم 38 غرفة تستعرض مزيجًا من روعة التصميم القديم وحداثة الراحة. تغمر الغرف بإضاءة طبيعية، وتطل العديد منها على شرفات مشمسة أو على باحة مركزية، أو تزدان سقوفها برسومات جدارية تعود لمئة عام.

لحظات استرخاء

بعد يوم طويل من التجوال في المدينة، استرخِ في السبا المصمم على الطراز الحمامي التقليدي، والذي يتميز بجدران من الطوب الأحمر، ومسبح دافئ، وحمامات تركية، وعلاجات مخصصة لتجديد النشاط. يمكنك كذلك الاستمتاع بمشروبات مبتكرة (موكتيلات) من على سطح الفندق المورق حيث تظللك أشجار الزيتون والموز، وتطل على مناظر ساحرة للحمراء. أما مطعم الباحة، فيقدم نكهات غرناطة الأصيلة، من الجبن الفاخر إلى قطع التونة المشوية.

ومع حلول المساء وتوهج الحمراء أمام جبال سييرا نيفادا، يتحول سطح الفندق إلى ملاذ سحري، حيث يمكن الاستمتاع بمشهد خلاب لغروب الشمس وسط أجواء من الراحة والهدوء.

نصائح إضافية

للحصول على تجربة سياحية متكاملة، يُنصح بزيارة الحمراء في الصباح الباكر أو قبيل غروب الشمس للاستمتاع بجمال الضوء وانعكاساته على المبنى. ولا تفوت فرصة استكشاف الأطباق المحلية الشهيرة مثل “جمبون سيرانو” و”كروس دي لا لوما”، وهي أطباق تجسد ثقافة الطهي الإسبانية في أفضل صورها.

عند اقتراب موعد مغادرتك، ستجد نفسك تتخذ نفس قراري وتقول “لا بد من العودة”، فغرناطة تترك في القلب بصمة عميقة، وهناك دوماً المزيد لاكتشافه في هذه المدينة العريقة.