في أواخر عام 2021 وفي رحلة الإجابة عن السؤال الأبرز أين ستقيم خلال كأس العالم في قطر، أجرت وكالة الأنباء الأمريكية “الأسوشيتدبرس” بعض الأبحاث الحقيقية قبل بطولة كأس العالم، حيث تحققت من جميع سلاسل الفنادق الرائدة في قطر والخيارات الأخرى المناسبة للإقامة والمبيت وذلك في محاولة منها للعثور على مكان مناسب للإقامة فيه خلال كأس العالم بأكمله أي طيلة مدة انعقاد البطولة والتي ستقام في الفترة ما بين 21 نوفمبر إلى 18 ديسمبر.
وكانت النتيجة أنهم وجدوا غرفة واحدة فقط لا غير في جميع أنحاء البلاد. ومن هنا ظهر السؤال أين ستقيم خلال كأس العالم في قطر؟
لم تكن تلك الغرفة رخيصة التكلفة حيث بلغت تكلفتها – أكثر من ألف دولار في الليلة الواحدة في فندق أربع نجوم – ولم يكن الموقع أو مكان الإقامة جميلاً حيث يقع بجوار مطار الدوحة في منطقة مزدحمة للغاية.
في هذه الأثناء، أجرت قطر أبحاثها الخاصة بناءً على أرقام وإحصائيات نهائيات كأس العالم الماضية، ووجدوا بأنهم سيقومون باستقبال 850 ألف زائر خلال الأسابيع الأربعة لبطولة كأس العالم. ناهيك عن جميع المسؤولين ووسائل الإعلام والفرق الاعلامية والموظفين القادمين لتغطية البطولة.
إذن أين سيقيم الجميع في مونديال قطر؟
لن تكون الأمور بهذا السوء الذي تبدو عليه. حيث أدركت وكالة أسوشيتدبرس أن معظم الغرف قد تم حجزها بالفعل من قبل منظمي البطولة لتأمين الغرف التي سيحتاجها كوادر الاتحاد الدولي الفيفا وجيش من الإداريين التابعين للفيفا والأصدقاء والرعاة ووسائل الاعلام الدولية.
إن حجز معظم الغرف الفندقية في قطر قد قطع على أصحاب الفنادق فرص التلاعب بالأسعار، حيث تم توفير العديد من الغرف الفندقية هذه كجزء من حزمة متكاملة تقدمها الخطوط الجوية القطرية حيث تتضمن هذه الحزمة: الرحلة الجوية + الغرفة الفندقية + تذاكر المباريات.
ومع ذلك، تبدو أرقام الزائرين لدولة قطر كبيرة ومن الصعب تلبية احتياجاتها المتمثلة في السكن، ففي الأسبوعين الأولين من البطولة والذي سيشهدان حضور 32 منتخب وطني مع جماهيرهم الكبيرة، يقدر المنظمون بأن 559000 زائر سوف يأتون إلى قطر وسيكون ذروة الطلب على الغرف الفندقية في تاريخ 27 و28 نوفمبر
حيث سيتواجد 276000 شخص ممن يملكون تذاكر حضور مباريات المونديال وفي نفس الوقت سيبحثون عن مكان للسكن والإقامة بالطبع، ولن يمكث الناس ليلة واحدة فقط أو لمباراة واحدة فقط، وقد يسكن أعداد من الجماهير في غرف مشتركة ولكن مع ذلك فإن أعداد الغرف الفندقية المتاحة لا يتطابق مع عدد التذاكر المباعة يوم المباراة. أي أن هناك تذاكر أكثر من غرف الفنادق.
ما الذي فعلته وزارة السياحة القطرية لمواجهة هذا الواقع؟
تشير التقديرات إلى أن دولة قطر ستكون بحاجة 130.000 غرفة فندقية ومساحات تأجير أخرى. ولا يزال الطريق طويلاً بالنسبة لبلد يبلغ عدد سكانه 3 ملايين نسمة فقط. بدءاً من ربيع 2022 أصبح هناك حوالي 34000 غرفة فندقية فقط في قطر.
ولكن تستمر الدولة في بناء الفنادق بمعدل جنوني، على أمل توفير ما يصل إلى 25000 غرفة أخرى بحلول شهر نوفمبر المقبل، على الرغم من أن هذه الأرقام تبدو أرقاماً متفائلة. حتى ذلك الحين، فتوفير 60.000 غرفة فندقية هو طريق طويل بالفعل وحتى لو تحقق فهو أقل من المأمول كما أن الأغلبية الساحقة من هذه الغرف تتوافر في فنادق 5 نجوم باهظة الثمن.
إذن، ما هي الخيارات الأخرى التي ستكون متاحة؟
في الفترة التي سبقت بطولة كأس العرب التي أقيمت في قطر خلال شهر ديسمبر عام 2021، أطلق المنظمون حملة “كن أنت المستضيف” حيث تم تشجيع القطريين على إستضافة مشجع أو اثنين في منازلهم كضيوف لديهم. ولكن يملك الشعب القطري صراعاً كبيراً بين تقاليد الضيافة المتأصلة لديهم وبين خصوصيتهم والمجتمع المحافظ الذي يعيشون فيه، فمما يبدو فقد فاز المجتمع المحافظ والخصوصية على تقاليد الضيافة، فقد تفاعلت أعداد قليلة جداً مع حملة “كن أنت المستضيف” لدرجة أن المنظمين لهذه المبادرة لم يصدروا أرقاماً أو احصائيات حولها.
لذا سيكون الرهان الأفضل هو من خلال توفير سفينتين عملاقتين للرحلات البحرية هما Cruise Ship Hotel واللتان سترسوان في ميناء مدينة الدوحة وتوفر إطلالات على أبراج الدوحة كما ستوفران أكثر من 4000 غرفة.
وأيضاً ستقوم قطر بتوفير خيار آخر مختلف بتكاليف أقل وهو قرية المشجعين، حيث تقوم حكومة قطر ببناء مدينة خيام صغيرة تستوعب بضعة آلاف من المشجعين وتبعد هذه المدينة حوالي ساعة شمال الدوحة على قطعة منبسطة صحرواية بين الكثبان الرملية والخليج إلا أن ما يميزها هو قربها من استاد البيت، وقد أطلق على هذه القرية اسم “قرية المشجعين الخور”.
هناك أيضاً خيارات أخرى مشابهة لهذه القرية من حيث المبدأ إلا أن أقل تكلفةً من الناحية الإقتصادية، فقد أسست قطر ثلاثة قرى من الكبائن العصرية المناسبة للسكن هما كبائن قرية المشجعين المنطقة الحرة وكبائن قرية المشجعين زعفران وكبائن قرية المشجعين روضة الجهانية، وتبلغ قيمة الاقامة في إحدى هذه القرى حوالي 200 دولار لليلة الواحدة في حين أن تكلفة الإقامة في قرية المشجعين الخور تبدأ من 425 دولار.
من الناحية الاقتصادية يبدو هذا خياراً جذاباً وقد صرحت جهة مسؤولة في قطر بأن هذا المخيمات هو عرض حي للضيافة القطرية التقليدية. ولم تطرحه كحل لنقص المساكن والغرف الفندقية
يبدو أن الدوحة تحمل الكثير من العبء الثقيل بشأن هذه القضية حيث يقترب أكثر من عشرين فندقاً من الاكتمال، وكذلك مجمع ضخم من الشقق المؤجرة التي من شأنها أن تحل مشكلة السكن في قطر خلال كأس العالم، ولكن بالرغم من تأمين 80.000 الف مسكن فهو ما زال غير كافي.
هناك أيضاً تشجيع من الحكومة القطرية على احتضان خطة بيوت العطلات وطلبت من السكان المحليين التقدم بطلبات للحصول على تراخيص لتأجير منازلهم، منصة AirBnB قد تكون خياراً متاحاً ولكنها ستكون باهظة الثمن في قطر على سبيل المثال فقد تم عرض شقة من أربع غرف نوم مقابل 20.000 جنيه استرليني في الليلة الواحدة حسب ما أورته وكالات اخبارية عالمية.
لا يزال القطريون متفائلين بسد الفجوة بين طلب أماكن الاقامة خلال المونديال وبين العرض الموجود في السوق، وهم في نفس الوقت يقومون بتجديد مطار الدوحة القديم، لزيادة طاقته الاستيعابية خلال فترة المونديال.
مع خيارات الإقامة الضيقة جداً، فمن المتوقع أن تنتقل الجماهير إلى مدن خليجية أخرى مجاورة للدوحة مثل دبي وأبوظبي في الامارات أو مسقط في سلطنة عمان، ولكن في كلتا الحالتين فإن الأمر سيكون مرهقاً وصعباً على المشجعين.
اقرأ أيضاً: عطلة نهاية الأسبوع في قطر: 5 أشياء عليك معرفتها قبل التوجه إلى هناك
