شهد العالم عام 2020 اضطرابات عنيفة ومتلاحقة، بدءاً بتفشي كوفيد-19 وإجراءات الإغلاق العالمية ووصولاً إلى الاحتجاجات التي عمّت مناطق مختلفة. لكن يمكننا أن نستذكر هذا العام بطريقتين، إما كنقطة سوداء في التاريخ الحديث، أو فرصة قيّمة للتجدد والتطور.
ويبدو أن المملكة العربية السعودية من مؤيدي الرؤية الإيجابية، ففي ظل هذه التغييرات المفاجئة، تجسد المملكة وشعبها رغم كل المصاعب مثالاً على الإصرار على النجاح. وتستعد للانفتاح على العالم وكتابة فصل جديد في مسيرتها مع بزوغ فجر مرحلة جديدة.
وتشهد المملكة في ظل هذه التغييرات ولادة حركة إبداعية بتشجيعٍ من رؤية 2030 وتأسيس وزارة الثقافة وبالنسبة لي شخصياً كمصمم، كان إنشاء لجنة تصميم الأزياء بمثابة فرصة ذهبية لإطلاق العنان للطاقات الإبداعية والمساهمة في هذا المشهد الحيوي.
ويتطلع الشعب السعودي للوصول إلى آفاق جديدة من خلال المزج بين التاريخ والمستقبل. حيث يحرص الرجل السعودي اليوم على تحديد توجهاته وطموحاته بوضوح، ويهتم بأناقته بشكل واضح. وتشكل الأزياء، وتحديداً الأزياء الرجالية، أداةً فعالة لتجسيد صورة المملكة ورواية قصص التحول الذي تشهده.
وفي سباق كأس السعودية العالمي للخيل الشهر الماضي، صممتُ للكاتب والمحامي السعودي المرموق عبدالله الجمعة ثوباً عصرياً مستوحى من زي الدقلة التراثي الذي يرتديه الرجال السعوديون في المناسبات الرسمية. ولاقت صوره انتشاراً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم أدرك السبب حتى قابلتُ صاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت فيصل التي لفتت انتباهي إلى أن التصميم لامس الهوية السعودية، حيث جمع بين الماضي والمستقبل ومثّل الإرث السعودي الأصيل بأبهى صوره في هذه الفعالية العالمية ليولد ظاهرة ثقافية وإحساساً عميقاً بالفخر.
ويتعامل الرجل السعودي اليوم مع الأزياء على أنها انعكاس لشخصيته، فيختار ما يناسب هويته وتطلعاته. ولطالما اهتم الرجال السعوديون بعلامات الموضة الفاخرة العالمية، لكن الاهتمام تحول نحو مصممين يشاركونهم التفكير. لذا سارعت المتاجر مثل بيرسونيج في الرياض ورباعيات بفروعه في مختلف أنحاء المملكة إلى مواكبة هذا التوجه الجديد، حيث تستضيف فعاليات مؤقتة تجمع محبي الأناقة للتعرف أكثر على الموضة وإثراء أذواقهم.
ويستقطب المشهد الإبداعي الجديد اهتمام الجميع مع إقبال الخبراء والعلامات العالمية المرموقة بصورة متنامية للمساهمة في الارتقاء بقطاع الأزياء المحلي، وبالتالي تعزيز التبادل الثقافي.
بعبارة أخرى، يشهد قطاع الأزياء الرجالية في المملكة اليوم ذروة تألقه، وهنا يأتي إطلاق العدد الافتتاحي من مجلة إسكواير السعودية لتساهم بدورها في دفع عجلة الإبداع ورسم ملامح المشهد الجديد.
وبصفتي مصمم ومؤسس علامة هندام، التي ساهمت بدور أساسي في صياغة هوية الأزياء السعودية المعاصرة، أفخر بالمشاركة في كتابة هذا الفصل الجديد.
بقلم محمد خوجة، كاتب ومصمم لدى العلامة السعودية هندام. يمكن متابعته عبر صفحته على الإنستغرام