جائزة المملكة الفوتوغرافية تعمل على الإرتقاء بالمشهد المحلي، ورصد روح المناطق بشكل فني مميز في خضم التحولات القائمة
فن التصوير بجذور تاريخه الممتد الذي بدأ بزوغه في القرن الثامن عشر لأهداف توثيقية، ثم اخذ منحنى فني يحكي القصص وينقل أصواتها ويلتقط وروح الحدث وإنسانية المشاركين فيه، عبر التقاط لحظات عفوية بذكاء فني إجتماعي، وذلك ما جذبني في بعض مجموعات الصور التي عرضت في افتتاحية النسخة الثانية من جائزة المملكة للتصوير في جدة، والتي كانت تحتوي على مجاميع لصور مميزة تمخضت من دخول الكاميرا الى قلب مدينة الإحساء وبل الي بيوتها وعاوائلها وذلك امر صعب بفعل محافظة وخصوصية العائلة السعودية وامتعاضها من الكاميرا داخل بيئتها الخاصة،امثال لطيفة البخاري و تسنيم السلطان وغيرهم من المصورين السعوديين الذين يفهموا خصوصية الحالة الإجتماعية المحلية بموجب قربهم منها.

كانت المهمة التي وضعتها جائزة المملكة الفتوغرافية، أحد مبادرات هيئة الفنون البصرية التابعة لوزارة الثقافة، التي تصل جائزتها الى 20 الف ريال بالإضافة لمعدات تصوير إحترافية، دفعت بالمصورين المحترفين المحليين والدوليين للذهاب للإحساء لإكتشاف الثقافة المحلية وإلتقاط لحظات تعكس روحها.
استطاع بعض المصورين ان يكسبوا ثقة اهالي مدينة الاحساء الامر الذي مكنهم من رصد قصصهم وشخصياتهم عبر تسليط الضوء على جوانب حياتهم الخاصة بعفوية وتجرد. لتخرج مجموعات صور من هذه الرحلة المسمى الحسا حسانا. والجدير بالذكر هو مشاركة فنانين اجانب امثال أليخاندرو تشاسكيلبرغ الذي يعتمد على التكلوجيا لإضفاء الوان حادة بشكل مختلف على صوره

الحفاظ على الروح بلا محاكاة غربية
فن التصوير الفوتوغرافي وخاصة رواية القصص من خلاله هو نابع من الثقافة الغربية بكل تاريخه ومنجزاته، وتلك معضلة قد يقع الفنان والمصور بها اذا لم ينتبه خلال نقله للروح التي جذبته بالمقام الأول في خضم إلتقاطه للحظة المراده، نرى وعي بعض من نخبة المصورين المحليين، كمثل لطيفة البخاري وتسنيم السلطان للمحافظة .

بعد عودة المصورة السعودية لطيفة البخاري من امريكا التي عاشت فيها لمدة تزيد عن عقد من الزمن، رجعت لوطنها واستقرت بالعاصمة، وبدأت بإعادة اكتشاف روح مسقط رأسها بكميرتها، في مدينتها الإحساء التي تجذرت صورها التخيلية بصوت أبيها، في طفولتها.
” اصالة المنظور هو امر في غاية الأهمية بالنسبة لي، كان تصويري في السعودية او خارجها يحب عليك التحدث معهم والوعي بخلفياتهم ومنظورهم ان كانوا متحفظين او منفتحين للتصوير ، وان تكون رغبتهم في نشر الصور او لا، امر محوري، لذلك خلال قربي من العوائل في الحسا كان المنظور الذي ظهروا به موافقين عليه لاني اخذت رأيهم في الصورة لأنهم اساس مشروعي ، وعليهم ان يثقوا بس لكي يفتحوا ابوابهم ويستضيفوني في بيتهم، وارى نفسي بهم ”
لطيفة البخاري

تقدم لطيفة مجموعة مميزة من الصور تحكي من خلالها قصص تشعرك بروح مدينة الأحساء وتلمس روح الحميمية بين أهلها وقربهم من بعض، وكأنها عائلة كبيرة، هذه الروح التي تبثها سلسلتها تبين روح المجتمع هناك وتكاتف الناس فيما بينهم، خاصة بعد توجه الكثير من الشباب الباحثين عم فرص عمل للسفر الى المدن الرئيسية مثل الرياض والدمام.
لذلك “قمت بمقابلة بعض من اختاروا البقاء هناك، وحاولت من خلال حياتهم اليومية تعقب تطلعاتهم ومعرفة السر وراء سيطرة الأحساء على عقولهم وقلوبهم.” لطيفة بخاري
رواية القصص السعودية عبر الصور في خضم التطور
القصص السعودية تحمل ثراء وأصالة وتنوع متميز، ولكن العقبة امامه هو منظور المجتمع للصورة التوثيقية غير المجهز لها لأن التصوير محلياً بفعل عوامل العولمة التكنولوجية اصبح هو التقاط لأفضل واجمل لحظة والتي لا تعبر عن الواقع تعلق المصورة تسنيم السلطان التي تقدم قصص وصور مفعمة بالإقتراب من العائلة او الشخص بطريقة صادقة وشفافة تدفع يالأشخاص العاديين البسيطين الى الثقة بها واعطائها الفرصة لملازمتهم وتصويرهم ، تعلق على الأمر قائلة

التصوير موجود في الجزيرة العربية منذ الثلاثينات لكن عبر عدسات ومنظور مصورين غربيين زائرين، وتوفر الأدوات اليوم لكنا لازنا مبتدأين في الخليج من جانب رواية القصص عبر الصور في المقابل تطورنا في التصوير التجاري للأزياء والمنتجات والشوارعي وحتى الدعائي الترويجي، بالإضافة لتحسسنا كمجتمع من الظهور امام الكاميرا بعفوية قد تظر بها خصال انعدام الكمال الإنساني الجميلة، ولكن هذا المنظور بدأ بالتغير ايضاً” وارى ذلك في الكورس الذي ادرسه في مسك، الذي يتمحور حول كيفية واهمية سرد الكصص بمختلف الطرق، ومدى إستحقاق واقعنا الثري بالقصص المترامية في بيوتنا وأحيائنا التي يجب ان تصل الينا والى العالم الخارجي”
تسنيم السلطان

الجدير بالذكر هو ان تسنيم التي تهتم في قصصها على المشاكل الإجتماعية الخليجية وتعتبر احد اهم الأسماء في مشهد التصوير السعودي، النتيجة التي خرجت بها من رحلتها في الإحساء هي مجموعة صور تحت مسمى ماما عوده، وهو مشروع تكرم به نساء المدينة الملهمات اللواتي أثروا إيجابياً على دور المرأة من خلال رصدها لحياة اربعة جدات من داخل بيئاتهم ومحيطهم الذي يقدموا له الرعاية بمنظور فني أصيل.
الهدف من جائزة المملكة الفوتوغرافية
تتحدث لإسكواير الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية السعودية عن الهدف من المبادرات الداعمة لمشهد التصوير الفوتوغرافي السعودي المتمثلة بجائزة المملكة الفوتوغرافية، ماهي واقعية انتشار وإزدياد شعبية فن التصوير الفوتوغرافي

” الهيئة اوجدت جائزة المملكة الفتوغرافية التي تتمخض اهميتها من هدفين ومسارين محوريين اولهم مسار الإستعانة بمصورين محترفين لمساعدتنا على توثيق منطقة سعودية مختلفة في كل سنة، عبر عدساتهم ليُظهروا تنوع المملكة بمختلف هوياتها الإجتماعية وتراكيبها واجوائها، من خلال التقاط صور تعطس
روح الأماكن وحياة اهلها بشكل فني وبإطار معين خاصة عبر المرحلة الإنتقالية التي تعدوا فيها البلاد ، النسخة الماضية كان التركيز نحو منطقة الوجه والنسخة الحالية كانت منطقة الإحساء التي تم حكاية قصصها وروحها عبر إطار سرد قصصي مميز ، والمسار الثاني التطويري يتمحور حول الإحتفاء وإكتشاف وإظهار المواهب السعودية الصاعدة في هذا المجال، هذا المسار يعتمد على قبول كل المصورين السعوديين والمقيمين بمعايير بسيطة تسنح فرصة المشاركة للجميع، كل ما عليهم هو تقديم مجموعة صورة يحكوا عبرها قصصهم او قصص مناطقهم، المبتغى من ذلك بجانب اكتشاف المواهب المحلية هو اظهار وصقل القدرات المكنونة وتقديمها للعالم.
دينا أمين
هل تعتقدين بأن التصوير الفوتوغرافي بإمكانه إكتساب شعبية محلياً في المستقبل القريب؟
انه فن يكتسب شعبية لابأس بها عالمياً، وكذلك بإمكانه التوسع محلياً، لأن الفن الفتوغرافي منذ ظهوره كان يهدف لمحاكاة وتصوير اللحظة، ومع التطور التكنولوجي النضوج الفني اصبح التصوير الإحترافي يهدف لإيصال ونقل فكرة ورؤية وشعور وليس توثيق سطحي للأشياء، بجانب انه فن سهل الوصول إليه، اي يمكنك رؤيتها عبر المواقع التواصل او في المعارض وغيرها من المساحات
ونحاول وصل المصورين المحليين مع اقرنائهم بالعالم واعطائهم فرص لتطوير مهاراتهم وصقلها،
قد يهمكم الإطلاع على معرض صحراء X العلا الفني يعود بنسخته الثالثة في حضرة الغياب