يكشف كاتب ومؤلف كتب السفر عبدالله الجمعة عبر مؤلفاته الشيقة وقنوات التواصل الاجتماعي عن مغامراته بعد زيارة أكثر من 100 دولة مختلفة ويمتلك الجمعة شخصيةً إيجابيةً وملهمةً تترك تأثيرها على الأجيال السعودية التي تتمسك بقيمها المحلية لكنها تتمتع بعقلية منفتحة على العالم.

لطالما اهتم عبد الله الجمعة بالخرائط منذ أيام طفولته في الرياض، حيث شجعه والداه وأخوته على القراءة والاستكشاف وطرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة وتحديد ملامح هويته الخاصة عن طريق التعرف على العالم من حوله. وساهمت هذه المرحلة في تكوين شخصيته.

فريق العمل

حاوره: ماثيو باكستر بريست

تصوير: لينا مو

المحتوى الرقمي: عبد الباسط المنجد

ستايلست: وفاء الدخيل

إنتاج: جيسي فورا

ومن المثير للدهشة أن عبدالله أدرك أن طموحه في الحياة بأن يصبح كاتباً في عمر 12 سنة، لذلك كان منكباً على مطالعة الروايات، وخاصةً التي تجري أحداثها في دول أخرى مرفقةً بالخرائط، وكان مفتوناً باستكشاف الثقافات المختلفة عن بيئته. في الواقع، كانت نصف الكتب التي يمتلكها عبارةً عن أطالس وخرائط.

الستايل والملابس من “ايديشن باي” من تصميم جون بويجا في اتش اند إم

اعتاد عبدالله الاجتماع مع العائلة في منزل جديه كل أسبوع، ليروي قصصاً ألفها بنفسه على مسمع أقاربه، حيث كانت القصص تتردد في أرجاء المنزل. اعتادت عائلة عبدالله السفر إلى وجهات عديدة، وكان بعضهم يروي قصصاً شيقةً عما شاهده من أماكن ومعالم مميزة.

كان الجمعة شغوفاً بقراءة مذكرات السفر المليئة بالمغامرات على وجه التحديد، أدرك منذ ذلك الوقت رغبته باستكشاف الأماكن والتجارب التي يقرأ عنها في تلك المؤلفات. أراد أن يعيش الحياة بأكملها مدفوعاً برغبةٍ حقيقيةٍ في التعلم.

الستايل والملابس من “ايديشن باي” من تصميم جون بويجا في اتش اند إم

ألّف عبد الله الجمعة كتابه الأول بعنوان عظماء بلا مدارس، تبعه كتاب أيتام غيروا مجرى التاريخ عندما كان في التاسعة عشرة. وبينما تراجع اهتمامه بالكتابة بعض الشيء على حساب دراسته التي استكملها في جامعة هارفارد وجامعة لندن باختصاص اللغة الإنجليزية، لم يتوقف عن السفر والترحال إلى العديد من الوجهات.

ونجح عبد الله الجمعة في عام 2017 بتجسيد حبه للسفر والكتابة ضمن نسخته الأولى من مذكرات السفر الخاصة به بعنوان حكايا سعودي في أوروبا، والتي لاقت إشادة إيجابية من النقاد. وشكل نجاح هذا الكتاب بوابةً لتقديم برامجه التلفزيونية الخاصة وإنشاء منصات على وسائل التواصل الاجتماعي بقاعدة جماهيرية كبيرة، ودخل تصنيف قائمة أقوى 100 عربي تحت سن الأربعين.

الستايل والملابس من “ايديشن باي” من تصميم جون بويجا في اتش اند إم

فرضت قيود السفر نتيجة الأزمة الصحية العالمية على عبدالله البقاء في الرياض، وشكلت هذه الفترة تحدياً جدياً في حياته، لكنه نجح بالعثور على نفسه من جديد حسب ما أوضح لمجلة إسكواير السعودية.

إسكواير: اعتدت قضاء الكثير من الوقت في السفر والترحال. أين كنت متواجداً عندما تم فرض القيود على حركة السفر العالمي.

كنت في البرازيل لحضور كرنفال ريو في شهر فبراير العام الماضي، حينها قررت البقاء لعدة أسابيع لقضاء وقت مسلٍ مع بعض الأصدقاء. أتذكر لحظات إعلان إغلاق الحدود ومنع حركة السفر بين الإمارات والمملكة. مما إدى لتغيير مسار رحلتي على طيران الإمارات إلى مدريد، حيث كان عليّ البقاء هناك لمدة أسبوعين حتى أستطيع العودة إلى الرياض على متن طائرة خاصة.

الستايل والملابس من “ايديشن باي” من تصميم جون بويجا في اتش اند إم

ما هي الصعوبات التي واجهتك العام الماضي بعد رفع القيود على حركة السفر العالمي؟

في الحقيقة، حمل العام الماضي أهميةً كبيرةً بالنسبة لي. وأجبرتني الظروف على التوقف عن العمل قليلاً والحصول على قسطٍ من الراحة.

ومثل ما شعر الجميع في البداية، راودتني شكوك بشأن الأوضاع، لكنني توقعت أن تعود الحياة إلى طبيعتها بعد أسبوعين.

عبد الله الجمعة
الستايل والملابس من “ايديشن باي” من تصميم جون بويجا في اتش اند إم

راودني إحساس مزعج لمدة سنوات بشأن عدم قدرتي على الاستقرار. ولطالما كان هناك دافعٌ قوي للسفر والتنقل باستمرار بهدف الحصول على محتوى غني وعيش تجارب مختلفة. وبعد خروج الأمر عن نطاق سيطرتي، رأيتُ في قيود السفر مؤشراً يدفعني إلى تقدير ما ينقصني في الحياة مثل امتلاك منزلي وسيارتي الخاصة. واستمتعت بالأنشطة البسيطة التي لم أعتد عليها على مرّ السنين الماضية مثل لقاء والديّ كل يوم واللعب مع أطفال العائلة، مما منحني سعادةً لا توصف.

 هل كان من الصعب الابتعاد عن السفر والترحال؟

نعم ولا. أسعدني الاستقرار لفترةٍ طويلةٍ من الزمن، لكنني شعرت بعد مرور عام بحاجة قوية إلى معاودة السفر الذي تتمحور حوله حياتي، لذلك كنت مسروراً بركوب الطائرة مجدداً.

كيف تكون ردود أفعال الأشخاص الذين تقابلهم عند معرفتهم بأنك من السعودية.

يثير ذلك تساؤلات لدى الناس بشكل عام، فعلى سبيل المثال، سكان أمريكا الجنوبية غير معتادين على مقابلة السعوديين، لذلك كان الفضول يعتريهم عند مقابلتي ويطرحون عليّ الكثير من الأسئلة. يمتلك الناس آراء مسبقة عن المملكة، بعضها إيجابي والآخر سلبي، لكنني مستعد دائماً لمناقشتهم وتعريفهم أكثر على ثقافتنا بالرغم من اعتقادهم بأننا مختلفون جداً. أعرّف عن نفسي دائماً بأنني سعودي الجنسية وكلي فخر بهويتي، كما أنني مستعد طوال الوقت للإجابة عن جميع الاستفسارات.

الستايل والملابس من “ايديشن باي” من تصميم جون بويجا في اتش اند إم

هل تشكل جنسيتك السعودية عاملاً مساعداً أو عائقاً لك عند السفر إلى الخارج؟

ساعدتني خلفيتي بالتأكيد عندما كنت أقوم بتأليف كتابي حكايا سعودي في أوروبا من وجهة نظري الثقافية. هناك عبارة شهيرة حول الكتابة تقول: «اكتب ما تعرفه»، لذلك كان الكتاب باعتباري سعودياً جزءاً من هويتي وتجارب السفر الخاصة بي. وأشعر بسعادة كبيرة عندما يخبرني أحدهم أن الكتاب ساعده في النظر إلى بلده وثقافته من منظور مختلف. يمكن إيجاد الكثير من القواسم المشتركة بين الثقافات المختلفة عن طريق تبادل الأحاديث والتجارب، مما يبعث على السعادة والحماسة ويساعدني على تحسين مستوى مؤلفاتي.

لعبت السياحة الداخلية دوراً كبيراً ضمن رؤية السعودية 2030. ماذا تعلمت أثناء زيارتك الوجهات السياحية في المملكة؟

قصدت خلال فترة الإغلاق الكثير من الوجهات السعودية، ويمكنني القول أنني لم أترك منطقة دون المرور بها. وأدركت أن المملكة تتميز بمساحات واسعة وتحتضن بيئات متنوعة. كنت أعتقد أن السياح القادمين من مختلف أنحاء العالم قد يفضلون زيارة منطقة أو اثنتين عند تواجدهم في المملكة، لكنني أدركت بعد التعرف على جميع المعالم السعودية أن كل جزء منها يروي فصلاً من قصة المملكة. لدى المملكة إمكانيات كبيرة تؤهلها لريادة المشهد السياحي في المنطقة، سواءً على المستوى الجغرافي أو التاريخي أو ثقافة تجارب الطعام. في الحقيقة، أعتقد أن السعودية ستصبح وجهة سياحية رائدة على مستوى العالم في المستقبل. إنها مسألة وقت فحسب.

الهوديز والبنطال من تصميم ميشجاب والحذاء من اتش اند إم

كيف تحرص على تطبيق مفاهيم الاستدامة والوعي البيئي أثناء عملك بالتزامن مع تنامي أهمية هذه المعايير؟

سؤال جميل. لو طرحت عليّ هذا السؤال منذ عشر سنوات، لكانت إجابتي بأنني لا أمتلك الوعي الكافي تجاه هذا الموضوع وأهميته. لكنني اليوم، وبعد سنوات عديدة من السفر ومشاهدة أماكن مختلفة، أعتقد بأنني مدركٌ تماماً لأهمية هذا المفهوم. أتعامل مع الطبيعة والبيئة باحترام وتقدير، وهذا ما أتناوله حالياً في كتابي القادم عن أسفاري في أمريكا اللاتينية من خلال تسليط الضوء على تلك المواضيع وشرح تجربتي الشخصية التي علمتني الاهتمام بهذه الجوانب وإدراك أهميتها.

ما هي الوجهة التي تخطط لاستكشافها بعد رفع القيود عن حركة السفر العالمي؟

أرغب بالذهاب إلى نيوم واستكشافها أكثر. اتخذت من هذا المكان موقع تصوير منذ 3 سنوات عندما تم الإعلان عن المشروع، ولم أعد إلى المنطقة منذ ذلك الوقت، لذلك إنني متحمس لرؤية التطورات الحاصلة.  كما أرغب بتعلم الغوص في المياه المفتوحة، وأعتقد بأنها تجربة مذهلة تكشف عن عالم جديد من والمغامرة.

عبد الله الجمعة هو سفير العلامة التجارية لدى موسم الرياض يمكنكم متابعة حسابه على الانستغرام