الفنان العالمي جاك أرميسترونج مؤسس فن الـ Cosmic x، صانع أغلى لوحات لفنان لا يزال على قيد الحياة، ومؤخراً المصمم لخط جديد من حقائب اليد الحصرية والفارهة بالتعاون مع توني لاما. تحدث جاك مع إسكواير السعودية من بيته في ولاية نيو ميكسيكو، ومن أمام لوحاته المميزة المقدرة بعشرات الملايين، وتطرق لعدد من المواضيع بدءاً من مسيرته الغير اعتيادية وتحولاتها عبر العقود، كيف يرى المشهد الفني اليوم، وتأثير الإعلام عليه، وعلاقاته مع فنانين كبار أمثال أندي ورهول وباسكيات، بالإضافة لنظرته إلى الشرق الأوسط والسعودية

 يبين جاك أوجه القصور في مشهد الفني وتحوله إلى عالم يتمركز حول الماديات فقط، وأثر الإعلام في تحوير وتوجيه منظور الجمهور الفني عبر تبجيل فنانين وأعمال لا تستحق الإشادة، ويعبر عن رغبته في زيارة المنطقة والسعودية خاصةً لما هي مقدمة عليه من ثورة فنية، ويتمنى بأن يقتني الأمير محمد بن سلمان إحدى لوحاته في المستقبل.

مؤسس فن الـ cosmic x

يحاول الكثير تعريف وتفسير طريقة الرسم الذي استحدثها أرمسترونج في بداية الألفينات الميلادية، والتي تعتمد على ترجمة المشاعر والتجارب في لوحاته، هي نتاج الطاقة المحيطة التي تمثلها الألوان، ورمزيتها غير المحكومة باتباع إطار ومدرسة رسم تقليدية، لكي تصل لحواس كل من يشعر بها أي يراها، ومن المثير للاهتمام أن جاك حرق جميع لوحاته التي رسمها قبل عام 2000، ثم استحدث أسلوبه الجديد ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2019 انتهى من 100 لوحة تتراوح أسعارها من 50 إلى 200 مليون دولار لم يتبق منها سوى 22 لوحة لم تبع بعد.

احد أغلى لوحات ارمسرونج يقيمة 300 مليون دولار،Warhol Naked,

يظن جاك بأن الغرب فقد بريقه على النطاق الفني، لذلك لم يعد فناني الشرق مفتونين به، ويوعز ذلك لتلاشي روح الفردانية الإبداعية المميزة التي وُجدت من السبعينات وحتى التسعينات، ويمكن لمس اضمحلال الحراك الإبداعي وتباطؤ وتيرته، الحراك الذي كانت تقوده مدن مثل نيويورك ولوس أنجلوس في السابق، يبين جاك أوجه القصور في مشهد الفني، وتحوله هرمية طبقية تحركه مجتمعات وهياكل مادية في المقام الأول، وتقنن وتكبت روح الإبداع بفعل القيود التي تبنتها وكبلت نفسها بها.

الفن يجب أن يستحوذ على حواسك وخيالك عندما تراه أمامك وتلمسه، ليحرك بداخلك مشاعر معينة

كيف كانت ملامح دخولك لعالم الفن ، خاصة وأن بداية شهرتك كانت في حقبة الثمانينيات المليئة بالأحداث، ومن قابلت وكان له الاثر الاكبر عليك ؟

“دخلت لعالم الفن عبر مجموعة من صدف واللقاءات التي أثمرت عنها فرص سمحت بأن يرى العالم لوحاتي، “أهم نقاط التحول في حياتي هي صداقتي مع أندي ورهول الذي التقيته أول أيامي في نيويورك وباسكيات وغيرهم من الذين فتحوا أمامي الأبواب”

ارمسترونج

القصة بدأت حينما عندما كنت أعمل كمراقب للحركة الجوية في الطيران الحربي، دفعني القدر للقاء ستيف ماكوين في صيف 1977 في أحد مطاعم هوليوود، نجم السينما المعروف وهو أول المشاهير الذين قابلتهم إطلاقا. جلست بجانبه وتحدثنا، قلت له أنا فنان. سأذهب إلى نيويورك (لأنها كانت المركز الثقافي والإبداعي للعالم حينئذ). ومهد لي الطريق لكي أقابل آندي وارهول هناك، لذلك دخلت نيويورك وهناك علاقات تنتظرني، بيئة نيويورك كانت جامحة وروحها متبعثرة في الملذات إلى حد بعيد،

جاك أرميسترونج

في يومي الثالث في مانهاتن. وجدت أندي وارهول تعرفت عليه، وعزمني إلى ستوديو 54 (الذي كان دوامة من الجنون والمتعة والقصص)، هنا بدأ فصل جديد في حياتي بدأت بالتعرف على أكبر الأسماء في عالم الفن والمال الذين صادقت بعضهم، أعجبوا بلوحاتي ودفعوا المبالغ الطائلة لشرائها، أمثال إستي لودر ذائعة الصيت في مجال التجميل. ورالف لورين وكارل لاغرفيلد وإليزابيث تايلور ومايكل جاكسون وآخرون.

“قابلت باسكيات في تلك الفترة، وشاركت معه في بعض الأعمال، ولم يكن ذو سيط وشهرة حينها، عرفته على آندي ورهول وأصبحوا أصدقاء، ثم أصبح أحد أشهر الأسماء في عالم الفن، لذلك الشخص لا يعرف إلى أين ستأخذه الحياة من ستدفع بطريقة وكيف”.

جاك ارمسترونج

العالم مليء بالفنانين الموهوبين الذي لم يحالفهم الحظ، ولم يصلوا للشهرة والنجاح، ما هي الوَصْفَةُ التي اتبعتها لتصل إلى ما أنت عليه اليوم؟ 

إنها معادلة تتلاقى عناصرها ليصبح تأثيرها كمثل السحر، تقوم على العمل والإصرار والاستمرار، بالإضافة للأصالة الفن، وتفرده وتمكن الفنان وقدراته الإبداعية، مع القليل من حظ،  لأنه إذا كنت تؤمن بنفسك أولاً قبل كل شيء فبإمكانك سيحالفك الحظ لتعرض أعمالك في البيئة الصحيحة، ولكن، عليك أن تخرج من دائرة الراحة وتدفع بنفسك، لتحقيق ذلك بالفعل، نصحني ستيف ماكوين بأن أذهب إلى نيويورك لأجل الارتقاء بفني، ولكن إذا لم أُقدم  بنفسي، وأسافر والحق بأحلامي  لما قابلت آندي وارهول وتغيرت حياتي. يمكن للجميع إخبارك أينما كنت في العالم، كم أنت رائع، ولكن عليك الذهاب إلى مكان ما حيث تزيد قابلية اكتشافك. هذا رأيي

لماذا تتبنى موقفاً سلبياً من تجار الفن وعالم المزادات الكبيرة؟

صراحةً أكره تجار الفن وأصحاب بيوت المزادات. ومن أهم الأسباب لذلك هو انعدام الأخلاقيات من جانبهم، من الأمثلة على ذلك هو  محاولة ولي العهد السعودي إدخال لوحته في متحف اللوفر. التي الذي اشتراها من بيت مزادات كبير، انظر للسردية الخاطئة هنا، القصة كان يتعاطى الإعلام معها من زاوية محوره. ولم يتطرق لخديعة بيت المزادات، كان يجب على وسائل الإعلام أن تقول، كيف يجرؤ بيت مزادات عالمي على بيع لوحة مغشوشة.

أغلى لوحة وقتئذ، بـ450 مليون دولار، وتضفي عليها مصداقية لتؤكد أصلها وتاريخها المزيف، بلا محاسبة قانونية، وكان رد فعل الأمير هو شخص محترم، ولم يلاحق دار المزادات، دلالة  تعامله الرصين مع الأمر، وإن كان أي شخص آخر مكانه، لتعامل مع باندفاع و قال ، لماذا لم يتم رد أموالي إلي؟ ولماذا ليس هؤلاء الأشخاص إما في السجن، أو تم إخراجهم من المشهد المزادات بعد أن قاموا بتسويق هذه اللوحة في جميع أنحاء العالم على أنها لديفينتشي. اشتاط غضباً من الذين كانوا يسخرون من شخص كان يحاول فقط شراء عمل فني من أكثر المزادات شهرة في العالم.

“بعد ذلك الحدث أصبحت أتمنى أن يقتني ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أحد لوحاتي، سيكون ذلك شرفاً لي”.

كيف تفاعلت مع المشاهير الذي قابلتهم في بداية مسيرتك؟

كنت صغيراً في السن، وتعرف وتصادقت معهم بسهولة بلا حواجز، علمت مايكل جاكسون الرسم. وديفيد بوي وأيضا المغني فريدي ميركوري من فرقة كوين، وذلك كان له أثر إيجابي على راحتهم النفسية كما ذكروا لي. والكثير من هؤلاء المشاهير اشتروا لوحاتي، بدء يحيط اسمي وأعمالي بعض الزخم، ذلك كله كان بفعل لقائي مع آندي وارهول، الذي فتح العالم لي.

 دور الإعلام في توجيه السردية لرفع قيمة لوحة أو تبجبل فنان، وحقيقة جاكسون بولوك

 اللوحة الفنية يمكن أن يتم اللعب في قيمتها عبر الترويج واختلاق موجة من الزخم حول فنان أو لوحاته، بعيداً عن استحقاق فنه،  وهذا الأمر بدأ مع الفنان المعروف جاكسون بولوك. الذي لا أستسيغ لوحاته على النطاق الشخصي، يقول الجميع أن جاكسون بولوك اخترع تكنيك التنقيط في الرسم التجريدي، لكنه لم يفعل. كانت هناك امرأة في نيو جيرسي، امرأة عجوز اسمها جانيت سوبيل ترسم كهواية. وكانت جانيت سوبيل لديها لوحة في معرض رآها بولوك مع الناقد الفني كليمنت جرينبيرج، (من هنا كان الوحي) كما يسمونه البعض، وتقمص هذه الطريقة في الرسم وأخذ الإشادة، بفضل اسمه ولوحاته التي اشتهرت، بالطبع يظن الكثير اليوم بأنه هو الرجل اخترع التنقيط. وأصبحت لوحاته تُباع بمئات الملايين.

بزغ نجم بولوك، بسبب بيجي غوغنهايم هي ممثلة مهتمة بالفن ولها علاقات واسعة، التي عرضت أعماله على جميع أصدقائها النافذين عائلة روكفلر، آل روتشيلد، وجميع العائلات الشهيرة في نيويورك، ولم تعجب أعماله أحد. لذلك لم تستطع بيعها. حينها سلكت طريقاً مختلفاً في الترويج له، واستعانت بهنري لوس، الذي كان يملك مجلة تايم لايف ذات الانتشار الواسع، طلبت هل يمكنك وضع هذا الفنان على غلاف المجلة ووافق، بعد شهر ظهر بولوك على غلاف مجلة لايف التي كانت ذا شعبية طاغية حينها تحت، وكان عنوان المقالة  (هل بوليك أفضل فنان في أمريكا؟)، كانت المجلة مليئة بصور لوحاته. الجميع رأوها وأصبح نجماً بفضل مقالة مؤثرة.

كيف ترى تطور وازدهار المشهد الفني في الشرق الأوسط والسعودية؟

بشكل عام معظم اللوحات التي رأيتها من المنطقة كانت رائعة لا أستطيع أن استطرد فيما يخص المشهد الفني السعودي لعدم إلمامي الكامل به، ولكني أريد أن أزور السعودية، وأشعر بروحها وجمالها التي حدثوني عنه أصدقائي الذين زاروها، أعتقد لجمالية وفردانية الطبيعة التي دون ريب ستكون طاقة إبداعية بالنسبة لي، لقد زرت دبي في عام 2014 لعرض الدراجة الأغلى في العالم ب3 ملايين دولار، لكني أريد العودة واكتشاف المنطقة بشكل أعمق وعمل شي فني هناك.

كيف ومن أين تستمد الوحي في لوحاتك؟

قد يصعب شرح الوحي الإبداعي ولكني أحاول ببساطة أن أكون قناة ومجرى لما حولي، أترجم الطاقة التي أشعر بها، ولست من الفنانين الذين يستمدون وحي لوحاتهم من السواد القاتم، بل العكس تماماً، هدفي بأن تحرك لوحاتي شيئاً من مشاعر من يراها.

Cosmic Cowboy Boots – world’s most expensive boots $6 million

ماهو مشروعك القادم ، هناك الكثير من الاحاديث حول تعاون قادم في نطاق الأزياء؟

“الأن أعمل على دخول عالم الأزياء، عبر ترجمة ما أقوم به بنفس الطريقة والجودة في إطار مختلف” وبعد المقابلة بمدة قصيرة، تم الكشف عن تعاون بين دار الأزياء توني لاما بووتس وجاك ارمسترونج، عبر حقيبة Moonstone خط الإنتاج الذي سيديره جاك إبداعياً، هذه الشراكة تمخضت بفعل حقيبة مون ستون، الوحيدة من نوعها والمقدرة بـ7.3 مليون دولار،

ويعلق جاك،” لقد اتصلوا بي عندما وجدوا أنني أرغب في الشراكة مع دار أزياء عريقة، وأحبوا” الحذاء Cosmic Cowboy Boots الذ يقدمته في عام 2018، وبعد ذلك قامت علامة الأحذية الأسطورية في تكساس توني لاما براند بتعيين فنان جاك أرمسترونج، كمصمم لخطهم الجديد من حقائب اليد الحصرية والفارهة.

حقيبة MOONSTONE، المصنوعة يدويًا وفقًا لمواصفات أرمسترونج، سيتم رسمها بأسلوبه الفني الخاص الذي اشتهر به، سيتم تصنيع 100 حقيبة منها فقط بالتعاون مع دار توني لاما، وبذلك سيدخل جاك ارمسترونج الى عالم حقائب اليد الفارهة التي تهيمن عليه حاليًا شركات Hermes وLV ودور الأزياء الأخرى.

يقول أرمسترونج إنه لا يمكن أن يكون هناك سوى حقيبة واحدة في عالم ، “وانضممت إلى توني لاما ليس فقط لأنها علامة ذات تاريخ عريق، صنعت أغلى الأحذية في العالم ، بل لأنه شعر بقدرة العلامة الأمريكية، التي تأسست في تكساس عام 1911، أن تعيد المطالبة بلقبها كا(العلامة الفاخرة الأولى)لعام 2024.

ويؤكد قناعته بقوله ” توني لاما قد ابتكرت أحذية للرؤساء والأمراء والملوك لأكثر من 100 عام فمن “الطبيعي” أن أصنع معهم حقيبة يد فريدة بأعلى جودة وقيمة في العالم، ونترك للسوق أن يقرر ماهي العلامة التجارية التي ستتفوق في العام القادم”.

أرمسترونج بمسيرته الطويلة وإنتجاته الفنية المتعددة والمختلفة لا يزال يحمل في جعبته الكثير من المشاريع في عالم الفن والأزياء، لذلك نترقب تواجده وتأثيره على عالم الأزياء في السنوات القادمة.

قد يهمكم الإطلاع على تساؤل للسينما السعودية مع عبدالله الخريّف



المحتوى ذي الصلة