فيلم Sound of Freedom هي قصة حقيقية تتناول أصعب المواضيع وأشدها قسوة، ولا تُختزل فيه عناصر التشويق وتكامل عناصر الصورة السينمائية بفعل التعاطف والواقعية، وتم محاجمة الفيلم منذ الإعلان عنه ولكنه كسر حاجز توقعات الأرباح التي سيحققها حيث أنه حصد 85 مليون دولار منذ طرحه في 4 July في أكثر من 2500 صالة عرض، بلا دعم الإعلام المؤسسي، وذلك لإتقان الاخراج وصدق الأداء الذي يستحق أن يكون في سباق جوائز الاوسكار القادم.

الأب يقود سياراته بطفليه البريئين ، ثم يقف أمام أحد المباني، يترجل ويصطحب بيده أطفاله الصغار الذي لم يتجاوزوا سن العاشرة، متجهين نحو تجارب أداء مقامة هناك، ينتظروا محاطين بالأمال البريئة بأن يتم إختيارهم ويدخلوا عالم التمثيل، يدخل الأطفال لغرفة تجارب الأداء ويخرج أحدهم ليقول للأب أن الأمر سيأخذ بعض الوقت فإذهب وعود بعد ثلاث ساعات، الأب يستغرب قليلاً ولم يرتح لهذا الكلام،
ولكن للأسف إتبعه وخرج تاركاً اطفاله، ليعود بعد إنقضاء المدة ويدخل المبنى ويصدم بأنه خالي لا يوجد به، أحد وكأنه ليس المبنى تركه منذ قليل، بعد الإيستعاب وتكذيب العين هنا نرى على وجه الأب وقع المصيبة والصدمة والطامة التي سببتها حسن الظن وعدم الوعي بمدى شيطانية الواقع ، هذا هو المشهد الإفتتاحي لفيلم صوت الحرية

هناك أفلام نادرة تعرض مواضيع تعكس مدى وحشية وقتامة الحقيقة بإتقان وواقعية مبهمة، الحقيقية التي قد ينفر منها المشاهد ويتوجه بحثاً عن مشتتات تنتشله من محيطه القاتم وروتين حياته الملل، ولكن هذه الإستراتيجية في التجاهل وإن كانت تأتي من تفادي الألم هي ذاتها التي تخدر الرحمة في النفوس، أو ترسم في الذهن بشكل غير واعي صورة غير واقعية للعالم ومدى وحشيته، لماذا علينا الوعي بوجشية العالم الذي نعيش به ونتعرف على طبيعته بعض زواياه المنزوعة من الإنسانية؟ لكي نحمي أنفسنا وأحبائنا.

في اللإسلام النفس البشرية أمارة بالسوء لذلك تحثنا العقيدة وتوجهنا التشريعات لتجذيب هذه النفس لكل لا تطغى وتتشكل في أسوء صورها الهدامة، ولكن السوء له مراحل أقصاها حالة تتسم بالتوحش الهمجي، الذي لا يتخيله حتى العقل السوي، ولكن يبرره العقل المريض، حتى يستطيع أن يذوب الندم وتتطبع النفس على مو شاذ على فطرتها. وهل هناك توحش وهمجية تتعدى المتاجرة بالأطفال لدوافع إباحية وجنسية قذرة، لا أظن.

هنا تأتي أهمية فيلم The sound of freedom الذي يميط اللثام بسرد درامي عن حقيقة صادمة عن عالم الإتجار بالأطفال الذي يتعدى ضحاياه الملايين سنوياً، وله شبكة ضخمة تصل لكل أنحاء العالم والذي يحاول كشفه وتفكيكه، عميل المخابرات المركزية السابق تيم بيلارد عبر مسيرة صعبة لها اثارها على سوية عقله وقدرة تحمله التي يتم إختبارها بشكل شبه يومي،

هذه الصورة تبين مدى الالم الذي عانى منه تيم في محاربة هذا الوباء المجتمعي القاتل.
” حين ما بدأت في هذا الطريق تم إستدعائي من قبل المسؤول عني وعرض علي هذه الوظيفة في تتبع وإنقاذ الأطفال وقال أني مناسب لأني إنسان متدين وإيماني سيحميني، ولكن عندما شاهدت أول أشرطة الأدلة الموجعة، إنهرت ولم يحتمل عقلي، ولا أرى صور وجوه أبنائي الثلاث على أجسام الأطفال الذين شاهدتهم يتعذبون في الفيديوا، يتمالكني الهلع وإسرع لمدرستهم وائخذهم معي للبيت وأحتضنهم يشدة وأنا أبكي على أرضية المطبخ”
تيم بيلارد من مقابلة جوردن بيترسون
نجاح التجاري في ظل العقبات
ليس من المتعارف عليه بأن فيلم مستقل يعالج موضوع درامي قاسي بأن يحقق نجاح تجاري ويتم عرضه على نطاق واسع يتعدى محيط الافلام المستقلة المحصورة في ثلة من صالات السينما المحلية، وذلك ما أكده فيلم sound of freedom عطلة نهاية الأسبوع الماضي ، حينما احتل الفيلم المركز الثاني في سباق شباك التذاكر الأمريكية بمبلغ 27 مليون دولار، متجاوزًا أجزاء سلسلتين ضخمتين هم إنديانا جونز و إنسيديوس ولكن كان هذه نهاية الأسبوع الثاني منذ عرضه دلالة على التغطية الاعلامية السلبيةو لكن اشادة الكثير من الشاهدين والاسماء الشهيرة في عالم مواقع التواصل مثل الدكتور جوردن بيترسون الذي اشاد بالفيلم واجرى مقابلة شخصية مع القائمين عليه، ليصبح واحد من الافلام القلة التي حققت أرقام أفضل من الأسبوع الأول، وذلك يعول بالطبع النجاح الداخلي الأولي ليس أحد أسباب قد تجعله يلفت الأنظار في هوليوود.

الجدير بالذكر هو أن التعليقات على الفيلم بالعموم ليست سيئة، حيث يصل تقييمه حالياً على موقع Rotten Tomatoes الطماطم الفاسدة إلى 72٪ ، في حين أن الكثير من الأفلام التي تدور في هذا الفلك، المطعمة بجانب ديني ينبذ الشر عادةً لن تلاقي الكثير من الاشادة بين النقاد. خاصة وأنه محيط هوليوود تسوده الليبرالية الحديثة الميكارثية، وعلى الجانب الأخر الفيلم وجد الكثير من الدعم من قبل الجناح اليميني المحافظ بموجب قربه للتدين والاشارة المباشرة للمشكلة وعرضها بواقعية، لطبيعة المحافظين برفضهم للكل ما يشذ عن تصورهم المجتمعي، مما أزعج مجموعة النقاد ودفعهم في الإصطفاف وتشويه الفيلم او شخصية بطل القصة تيم. او على الاقل تجاهله.

كان هذا الفيلم Sound of Freedom الذي أنتجته شركة إينجل إستيديو Angel Studios الجديدة في عالم هوليوود والتي أبلت بلاء حسناً ترويجياً عبر المنصات التواصل والبودكاسات، حتى خلقت زخم جيد في أول وأقوى مشاريعها ،الفيلم بطولة الممثل جيم كافيزيل الذي إشتهر بدور المسيح في فيلم “The Passion of the Christ” ليلعب دور العميل الحكومي تيم بيلارد Tim Ballard
الذي تخلى عن وظيفته وضحى بإستقرار عائلته لإجابة نداء أهم قلب كيانه ودفعه للذهاب ضمن مهام خطيرة لإنقاذ الأطفال خاصة في دول العالم الثالث، الاطفال الذي ينتظرهم حتفهم بعد ضروب من العذاب المحتوم، وهم لايزالوا براعم لا تستطيع الكف عن أنفسها بشيء، يكرس تيم (الشخصية الرئيسية في الفيلم) لانقاذ الاطفال، القبض على المجرمين الذي يحقق معهم ليعترفوا بأشنع وأقذر ما يمكن تخيله، شارك في تأليف وإخراج الفيلم أليخاندرو مونتيفيردي الشهير بفيلم ليتيل بوي ، الحائز على جائزة الأوسكار .

مظاهر كبت وتجاهل الفيلم
تنتشر هذه المحنة على نطاق ضخم يتعدى خيال البعض، فا عالم الإتجار بالأطفال لأجل الجنس شئنا أم أبينا هو واقع ووحش ينشر مخالبه في جميع أنحاء العالم وضمن المختلفغف اتلطبقات الإجتماعية واللإقتصادية ، ولكن بشكل خاص في أفقر البلدان. فيلم يشرح موضوع كهذا يجب أن يكون على صفحات مقالات الرأي في Variety و Deadline ، وضمن تقارير برامج مثل برنامج 60 دقيقة.
ولكن الأمر ليس كذلك ولكن على النقيض فإن تغطية الفيلم من الإعلام المؤسسي إتبع سياسة الهجوم أوالتجاهل أو التشكيك في الشخصيات الرئيسية التي يستقي منه الفيلم أحداثه وعملياته التي خرجت من تحت مظلة دولية رسمية موثقة، وقد نفهم عدم رغبة بعض المحطات التلفزيونية بتغطية هذا المحتوى القاسي خوفاً من نفور المشاهدين ولكن الصحافة لا يوجد لها عذر.
بالإضافة لما واجهه البعض عندما ذهبوا لمشاهدة الفيلم في صالات العرض من تضييق من قبل العاملين بها مثل فتح الأنوار ومقاطعة الفيلم كما هو موضح في هذا الفيديو.
قد يهمكم الإطلاع على فيلم نابليون Napoleon المنتظر، ما يميزه عن نظائره