من أهم عوامل البروز والفرادة التي إختصت بها الدراما السورية، بعيداً عن الفنتازيا التاريخة وأعمال الحارات القديمة، هي المسلسلات السورية الإجتماعية التي إعتمدت بالمقام الأول على البطولة الجماعية والعنصر الأهم هو فرادة الطرح وإختيار الزوايا المناسبة التي تنبثق منها المعالجة الدرامية الموفقة للقضايا الفكرية والإجتماعية التي تفحص مكامن المأساة والمعاناة والطبقية وصراعاتها وإندحار الطبقة المتوسطة وإتساع الفجوة الطبقية، وتفحص قضايا أخلاقية حساساة والكثير من المواضيع الأخرى المركزية، هذه العوامل وغيرها الكثير جعل من الدراما السورية ذات ثقل فني خالد و أرضية جماهرية عربية، تتفوق بها على دراما الأعمال الكلاسيكية المصرية وغيرها من الأعمال الأخرى.

الفن ودوره هو موضوع يطول فيه النقاش الفسلفي والفكري وتختلف فيه الأراء، يتراوح الظن بأهمية دور الفن الهادف في المجتمعات الحديثة، حيث هناك من يؤمن أن الفن إذا توفرت فيه كل خصال الكمال اي أن كان بأسمى أشكاله وتركيباته وشفافية في الطرح تجعل المتلقي (الجمهور) يصدقه حينها يصبح الفن يملك القدرة لتغيير عقلية الشعوب عبر مراحل تطويرية تمتد لعقود، والرأي الأخر يصب في أن دور الفن يقتصر على كونه إنعكاس للواقع وهدفه هو توعية المجتمعات فيما يخص المشاكل التي يواجهونها وأخرين يرون بأن الفن لا يتعدى قيمته الترفيهية ، أياً كان الرأي الذي تنتمي له، فإن الدراما السورية هي الفن الدرامي الأمثل عندما يأتي الأمر للطرح الإجتماعي المؤثر ذات الجمالية الخالدة، بناءاً على ذلك

وضعنا لك قائم بأفضل المسلسلات السورية الإجتماعية، وإعتمدنا على معيايرية يتصدرها المستوى الفني، بجانب الجماهيرية منذ العرض الأول و حتى اليوم، ومدى التأثير على الدراما وعلى الجمهور كاكل

مسلسل الولادة من الخاصرة :

هو مسلسل يتكون من ثلاثة أجزاء، يعكس من خلالها الجانب الذي نحاول تجاهله من المجتمع، حيث أنه وصف لحياة المواطن السوري المليئة بالألم والمحفوفة بالصعاب المكبِّلة، ومقارنة ذلك بالطبقة العليا التي تعيش في رغد وحتى المتوسطة التي تسد رمقها فقط، حيث أن العمل ذو منظور شامل لا يسرد من القصة شريحة واحدة، بل جانب كل فئة محورية فيالمجتمع مع تبين إختلاف ظروفها وتركيبتها النفسيَة الخاصة، القصة تتناول قصة أربع شبان كانوا زملاء في المدرسة الثانوية يشمل السرد قصص عن الحب والصداقة والعمل ودوامة السقوط التي يقع فيها الكثير من الشباب الضائع ضمن واقع غير طبيعي.

المسلسلات السورية

المسلسل من بطولة كوكبة من الفنانين مثل قصي خولي وسلوم حداد، القصة تركز على مشكلة العمال في المجتمع والأزمات الَّتي تحيط بهم من كل صوب، ومحيطهم الذي لا يفهم أفكارهم ومطالبهم، وعوامل تشكل الرهبة في الشَخصيَة الإنسانيَة وكيفية التخلص منها.

مسلسل لعنة الطين :

المسلسل يسلط الضوء على عمليات الفساد وفترة تهريب البضائع الأساسية التي كانت غير موجودة بموجب الحصار الاقتصادي القائم على سوريا في فترة الثمانينات، ويبرز الصورة المجتمعية التي تحيط بتلك الفترة المليئة بمشكلات، والتي يواجهها حياة سكان القرى (الضِيع) البسيطة، ويتبع السرد عامر ابن القرية المتواضعة الذي يحلم بأن يصبح مهندس لكي يخرج من دائرة الفقر والمعاناة، مقابل جواد الإنسان الفاشل الذي يصبح ضابط في جهاز الجمارك ويبدأ بابتزاز ليجمع ثروة طائلة.

المسلسل يفحص شخصيات مختلفة وإتباعهم لطرق متباينة أملاً بالخروج من دائرة المعاناة ومدى التمسك بالمبادئ أمام الفقر، المسلسل من تأليف سامر رضوان، اخراج أحمد إبراهيم أحمد، وبطولة: مكسيم خليل، كاريس بشار، وائل شرف، رنا شميس.

مسلسل نهاية رجل شجاع :

ايمن زيدان يلعب أحد أهم أدواره بشخصية مفيد الوحش الرجل بسيط إبن الريف، الذي عاش حياة مليئة بالصعاب وتعود على طعم الألم، حتى ظهر علا على وجهه ترسبات الحياة مأسيها التي عايشها منذ نعومة اظافره، حيث يبدأ مفيد الطفل بتحدي السلطة التي نكلت به مراراً، من خلال قطع ذيل حمار. ليغضب والده وأستاذه فإن قطع ذنب الحمار لم يكن في الواقع سوى نوع من الرفض والتحدّي من قبل الفتى مفيد؛ العمل الذي دفع والده بتقيده ثم انهال عليه ضربًا أمام رجال الضيعة ونسائها وصغارها. وتلك أول الصورة القاسية التي كونت شخصيته. ويعتبر من المسلسلات في وقت عرضه نقلة نوعية في عالم الدراما السورية.

مسلسل تخت شرقي:

هذا المسلسل يمثل قدرة الكاتب على خبق حوار واقعي عبقري تصويري تيرز من خلاله جمل تعبيرية ساحرة تلخص أكثر القضايا تعقيداً وأهمية، والعامل الفريد في المسلسل هو أن العمل بقف ويعتمد فنعلى الشحصيات متعددة الأبعاد مع تواجد قصة في خلفية الأحداث، كمثل أفلام مارتن سكورسيزي، بجانب تفرد العمل بنكهته السورية الخاصة، يمكننا أيضاً إرجاع تميز المسلسل ونجاحه يعود لمدى صدق الشخصيات التي يصل للمشاهد التي ترينا النتاقضات والتوترات غير متشابهة يترجمها لنا الممثلين متمكنين. من تأليف الكاتبة يم مشهدي وإخراج رشا شربتجي.

مسلسل الفصول الأربعة:

من روائع الكاتب وليد سيف، أسمى صورة للأعمال الدرامية الإجتماعية السورية، التي تجتمع فيه كل أركان النجاح والتكامل الفني بدءاً من تميز النصوص والحوارات، الى اللوحات الدرامية الخلابة الدافئة، التي ترسخت صورها في أذهان جيل كامل من المشاهدين العرب، وذلك بفعل المؤلفتين المتميزتين ريم حنا ودلع الرحبي، اللتين كونوا شخصيات واقعية متناقضة مختلفة الأهواء يجسدها أفضل الممثلين السوريين، يقودهم المخرج حاتم علي الغني عن التعريف، وبالطبع من العوامل تولد الحنين لهذا المسلسل هي الصورة التي التي نتذكر سوريا بها بطبيعتها الجميلة المفعمة بالحياة وشوارعها المليئة الياسمين والذكريات خاصة اليوم بعد ما شهدته من الصور المأساوية التي بفعل الحرب.

يشارك بالعمل أهم الممثلين السورين مثل خالد تاجا، وجمال سليمان وبسام كوسا، بجانب بعض الفنانين الشباب حينها الذين أصبحوا اليوم صفوة ممثلي الصف الأول، المسلسل الذي تم إنتاجه بدءً من عام 1999 بجزئيه الإثنين يحكي قصص تتناول الحياة اليومية لأربعة أسرة دمشقية تنتمي لفئات إقتصادية وإحتماعية مختلفة كل ما يخص علاقاتها الأسرية التي تربط بين أفرادها، وكل ما يخرج عنها من إختلافات وتحولات إجتماعية.

مسلسل التغريبة الفلسطينية:

رائعة وليد سيف وحاتم علي، المسلسل الذي إعتبره الكثير أحد أهم الاعمال الدرامية على الاطلاق، وذلك بفعل القصة والأداء والاخراج العبقري المجيش للمشاعر، يجسد العمل أكثر القصص أهمية في التاريخ العربي، جرح النكبة الفلسطينية بكل أبعادها، عبر سرد تقوده قصة حياة أسرة ريفية فقيرة (أسرة أبو يونس) التي تمثل الاف القصص المشابه، التي عاشت الأمرين على مدى القرن الماضي، ونرى بشمولية القضية العربية الأولى التي تفيض بالألم والمعاناة الذي لا يمكن تخيلها،

والتي إنبثق منها الكفاح الثوري ومسيرة النضال التي إستمرت عبر 35 سنة، ويتضمن العمل أصدق أداء شهدته الشاشة الصغيرة عبر مشاهد ترسخت بالعقل العربي الجمعي، أحياها الفنان الكبير خالد تاجا (أنتوني كوين العرب) كما أطلق عليه الشاعر محمود درويش، كمشهد التهجير القصري الذي يلخص مرارة القهر، والذي يودع فيها الرجل أرضه التي لم يعرف سواها، بيقين أنه لن يراها بعد ذلك اليوم، بالإضافة لأداء بطل المسلسل أحمد أبو صالح، الذي يلعب دوره الفنان السوري جمال سليمان،

نرى هذه الأسرة المهجرة وعلاقة أفرادها ببعضهم، منذ زمن الاحتلال البريطاني ثم الثورة الى (النكبة) التهجير القصري المحفوف بالدم والوحشية الصهيونية الغاشمة التي إنتهت بالإحتلال القائم اليوم. وصدق العمل الملموس يعود للكاتب وليد سيف، المخرج حاتم علي، الذين عاشوا أيام الاحتلال والحرب واللجوء بأنفسهم.

قد يهمكم الإطلاع على مسلسل الزند ، مقاومة الإقطاعية في حقبة الرجل العثماني المريض

المحتوى ذي الصلة